دور وسائل الإعلام في تعزيز ثقافة الوسطية” واصل أعماله لليوم الثاني بمشاركة ميقاتـي

السبت 21 شباط 2009

دور وسائل الإعلام في تعزيز ثقافة الوسطية” واصل أعماله لليوم الثاني بمشاركة ميقاتـي

دور وسائل الإعلام في تعزيز ثقافة الوسطية” واصل أعماله لليوم الثاني بمشاركة ميقاتـي وشخصيـات سياسيـة ودينيـة وفكريـة وإعلاميـة كلمـات اعتبرت أن حريّـة التعبير دون المعلومات تعني فقدان الجوهـر.
(أ.ي) – واصل المؤتمر الدولي الثاني للوسطية في لبنان تحت عنوان: دور وسائل الإعلام في تعزيز ثقافة الوسطية، أعماله لليوم الثاني على التوالي، وذلك بمشاركة الرئيس نجيب ميقاتي وحشد كبير من الشخصيات السياسية ورجال الدين والمفكرين وممثلي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة والهيئات النقابية والأهلية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والدينية.

موقع الإعلام في فكر الوسطية
وكان اليوم الأول من المؤتمر قد شهد جلستين، حملت الأولى عنوان موقع الإعلام في فكر الوسطية”، ورئستها وزيرة الإعلام الأردنية السابقة ليلى عبد الحميد شرف، وتضمنت 4 أوراق، تقدمتهم ورقة رفيق خوري رئيس تحرير جريدة الانوار الذي تناول فيها “الموضوعية وشخصنة الإعلام، فقال: لا يمكن الحديث عن موضوعية في ظل الأنظمة الشمولية، على عكس الأنظمة الديمقراطية التي يمكن الحديث فيها عن نوع من الموضوعية الإعلامية..فالإعلاميون جزء من حيوية المجتمع، واذا فقد الأخير حيويته، فهذا معناه أنّ الإعلام سيعاني ضيق أفق. فالإعلام رسالة معرفة لا عرفان، وكما يوصف فهو أول مسودة للتاريخ، ومن المعروف انّ المسودات تخضع لتصحيح، وهذا ما يدفعنا إلى القول بضرورة أن لا يخجل الإعلام أو الصحف من التصحيح، موضّحا أنّ الإعلام الموضوعي يقوم على الحريّة المثلّثة التي تتضمن حرية التفكير والتعبير والتغيير، فالتعبير بدون تغيير دوران في الفراغ، وحرية التعبير بدون المعلومات تعني فقدان الجوهر، وعندما يكرر الإعلام نفسه لا يستطيع أن يكون متوازنا”، ومشددا على أنّ الإعلام الجيد هو الإعلام الذي يفتح الملفات حتى النهاية، وأنّ هناك خطورة على الحرية الإعلامية نفسها التي تتعرض لضغوط من خلال محو الحقائق، وإغراق الحقائق، مختتما بالتطرق إلى ديكتاتورية الصورة وإلى أنّ الصحفيين لا يملكون الاّ الكلمات.

ثمّ تناول الأستاذ في الجامعة اللبنانية الدكتور ساسين عساف موضوع الإعلام وثقافة التغيير معتبرا أنّ الثقافة اصطلاحا عبارة عن أنظمة معارف ومناهج تفكير ومنظومات قيم وأنماط سلوك، وانّ الثقافة السياسية قوامها الوعي في مستوى التفكير والإصابة في مستوى التقرير والنزاهة في مستوى التدبير، شارحا العلاقة بين الإعلام وأنظمة الحكم، ولافتا إلى انّ العلاقة في الحكم الأوتوقراطي هي علاقة احتكار، في حين أنها في النظام الديمقراطي علاقة انفتاح تقوم على حرية مقيدة بقوانين وأنظمة مرعية الإجراء يحددها دستور الدولة الضامن للحريات العامة ومنها حرية التعبير. ومحذّرا من أنّ الحريةّ الإعلامية في الأنظمة الديمقراطية قد تستغل في بعض الأحيان لتكون غلافا لما يناقض جوهرها ووظيفتها التغييرية عبر تحكّم رأس المال بها، أو عبر تحكّم الإعلان بها. وموضّحا أنّ الإعلام الباحث عن زبائن سواء أكان إعلاما تجاريا يتوخى الربح المادي أو إعلاما سياسيا يتوخى الكسب الشعبي، هو إعلام فاشل ، داعيا إلى ضرورة خلق البيئة القانونية والثقافية المساعدة كي يتمكن الإعلام من لعب دوره في ثقافة التغيير.

وتطرّق الاستاذ رمزي النجار في ورقته لـ “من هو جمهور الوسطية، وما هي احتياجاته الفكرية”، معتبرا أنّ الوسطية المتحررة من قيود المصطلح الظالم تعاني من القاء التهم عليها جزافا مثل كل المدارس السياسية الأخرى دون استثناء، لكن ما يميز الهجوم على الوسطية حصرا الانطباع المعمم والمسطّح الذي تجنح اليه بعض العقول من باب السهولة وما يعرف بـ “عداوة ما نجهل”. مضيفا أنّ الوسطية في طرفي اليسار واليمين هي الخلاصة، فاذا بلغ الاصطفاف لدينا اليوم مداه الأقصى بين 8 و14 آذار، فالوسطية أيضا وأيضا هي الخلاصة. ثم ضرب النجار عددا من الأمثلة عن الثوابت المنطقية والدلائل التاريخية القديمة والمعاصرة عن الوسطية، مشيرا إلى انّ الوسطية ليست مبتدعة وانما راسخة منذ بدء نضج العقل البشري أمثلة من التاريخ السياسي الحديث عن الوسطية، واختتم بالقول انّ الوسطية، المستقلون أو الأكثرية الصامتة كلها مرادفات لمفهوم واحد مقتبسا كلاما للرئيس الأمريكي الراحل أيزنهاور يفيد فيه منذ أكثر من 60 عاما أنّ وسط الطريق يعني المساحة السليمة للسير وللاستعمال، بينما طرفي الطريق الأيمن والأيسر يشكلان حدود الانزالاق والتهوّر.

وانهى فايز السنكري صاحب جريدة التمدن هذه الجلسة بالحديث عن “دور الإعلام كسلطة رابعة في تعزيز ثقافة الوسطية” مشيرا إلى انّه وعلى الرغم من التداعي الكبير الذي أصاب هيكل الدولة في مراحل حرجة عديدة، الاّ أنّ الإعلام الوسطي استطاع أن يبقى، ولم يسقط في فخ اثارة الغرائز وبقي عصيا عن التطويع وكان عليه أن يلعب دورا رياديا وقياديا على مستوى لبنان والوطن العربي، مستخدما المساحة المتاحة له وان ضاقت. وأضاف: عندما تغيب كافة السلطات الأخرى، تبرز أهمية الإعلام وسلطته وهنا تكون مسؤوليته أكبر. وبخلاف ما يعتقد الكثيرون، فانّ مسؤولية الإعلام المكتوب أكبر من أي إعلام آخر….وأنّ الوسطية لا تعني أبدا عدم الانحياز إلى الحق أخلاقيا وإنسانيا تجاوبا مع حريات الناس وتطلعاتهم وآمالهم، والوسطية لا تعني أيضا تنازلا أو خضوعا أو خنوعا، ومسؤوليتها الحفاظ على السلم الاجتماعي ورفع الظلم والدفاع ضد العدوان والتوعية من المخاطر، داعيا إلى ضرورة النظر إلى الأمور برؤية أبعد من حماسة قد تكون انتحارية أو تهوّرية.

المفاهيم والدلالات المعززة لثقافة الوسطية
أمّا الجلسة الثانية، فقد حملت عنوان “المفاهيم والدلالات المعززة لثقافة الوسطية”، ورئسها صلاح سلام رئيس تحرير جريدة اللواء الذي مهد لمداخلته بالقول أنّ لدولة الرئيس ميقاتي دور بارز في اقتراح كتلة الوسط التي ستثبت الانتخابات النيابية المقبلة أنّ نوابها لهم لون لبناني وطعم بلدي ورائحة وطنية. وتطرق سلام إلى الفكر الوسطي مؤكدا أنه ليس ظاهرة جديدة في الثقافة الإنسانية وانّ الإسلام بشّرنا به قبل 1500 عام عندما وصف القرآن الكريم أمّة المسلمين بالأمة “الوسط”. ومشيرا إلى انّ فكر الوسط قادرا على التعايش والتفاعل مع ما يحيطه من تنوع ثقافي وديني وحضاري بيسر وايجابية لا تتوافر عند أهل التطرف في طروحاتهم ولا عند أهل التعصب في ممارساتهم، ومعتبرا انّ الثقافة الوسطية تقوم على 3 مفاهيم، الاول هو الاعتراف بالآخر والقبول به والتعايش معه، والثاني هو الاعتدال، والثالث هو عدم التذبذب أو التردد بين موقف آخر، فهي دائما إلى جانب الحق والعدل والخير ضد الشر والباطل والظلم. واختتم بتعديد الدلالات المعززة لثقافة الوسطية ومنها “العلم والعمل والاتحاد، والتعارف، داعيا إلى ضرورة توفير البيئة المناسبة لتعزيز الوطنية وتعميمها من خلال تحسين أوضاع البيئة الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

امّا عبد الحليم عويس، رئيس تحرير جريدة التبيان المصرية، فقد تناول “الأسس والمفاهيم الإعلامية المعززة لثقافة الوسطية” لافتا إلى انّ المنهزم واليائس لا يمكن أنه يصنع حضارة أو وسطية، مركزا على أهمية التيارات الشعبية ضاربا المثال بالشعب التركي الذي أوصل أردوغان وغول عبر فعل شعبي استطاع أن يوظّف المساحة القليلة جدا المتاحة له من الحرية في أن يخلق بدائل ووسائل لتحدث التغيير المطلوب. ثم تحدّث عن مهمات التوظيف والتأثير الإعلامي ومنها تشكيل الوعي والتنشئة الاجتماعية والتبليغ والاتصال الإنساني، ومستعرضا العلاقة بين الإعلام العام والإعلام الإسلامي ليصل إلى خلاصة تؤكّد مدى الاتفاق بين الإعلاميين فيما يتصل بالموضوعية والعلمية وأسس الإعلام ومفاهيمه، ومختتما بالقول انّ خصيصة المنهج الإسلامي والإعلام الإسلامي هي خصيصة الوسطية التي تشكّل الطريق الواضح الفطري المنقذ لحضارة الإنسان.

ثم ناقش زكي الميلاد، رئيس تحرير مجلة الكلمة السعودية، موضوع “تجدد مفهوم الوسطية في الخطاب الإسلامي المعاصر” وذلك من خلال الاشارة إلى انّ تجدد مفهوم الوسطية مرتبط بثلاث مسائل متّصلة في الاطار الإسلامي المعاصر. الأولى تتعلق بتطور الخطاب المعاصر داخل التيار الإسلامي حول مفهوم الوسطية، حيث أخذ الحديث عن هذا المفهوم يتسارع دافعا مختلف الأوساط الفكرية والسياسية إلى التدافع اليه والتسابق عليه لمحاولة تمثيله والتعبير عنه والتعريف عن أنفسهم من خلاله. امّا المسألة الثانية، فتتعلق في التطور الحاصل في مفهوم النظر إلى الوسطية من خلال التخاطب مع الذات بعد أن كان ذلك ينحصر في اطار النظر والتخاطب مع الآخر. امّا المسألة الثالثة فتتعلق بفحص مفهوم الوسطية لتحديده وكشف أبعاده وتبيان معالمه وازالة ما يشوبه من ضبابية وغموض وذلك نظرا للتدافع والانتساب إلى هذا المفهوم من قبل جهات متعددة وهو ما يفرض ضرورة إخضاعه للفحص كي لا يصبح مجالا للادّعاء من قبل الغير.

ثم عالج محمد الخطيب مساعد عميد كلية الشريعة في الأردن موضوع “العوامل الإعلامية المعيقة في تعزيز ثقافة الوسطية” مجملا اياها بـ 10 معوقات رئيسية لا يمكن العمل على نشر الوسطية دون اجتيازها ومنها أزمة الهوية واختلال القيم والمعايير في العديد من وسائل الإعلام التي عملت على طمس الهوية وهدم القيم في كثير مما تبث، ومنها غياب أجندة مدروسة موحدة لوسائل الإعلام واتجاهها لتكون مجرد تابع للإعلام الغربي، ومنها ظاهرة النفاق عند بعض وسائل الإعلام العربية التي اصبحت بوقا للأنظمة أو الأشخاص بشكل يجعلها غير قادرة على القيام بالمهام الموكلة اليها. ثم تابع الحديث عن المعوقات وشملت التباس الفهم في مفهوم الوسطية، والافتقار إلى النموذج القدوة في الإعلام، والحرب النفسية ضد العرب والمسلمين، وربط الفكر المنحرف بكبار المفكرين، وعدم افساح المجال للرأي الآخر، والإغراق في مواجهة التطرف بتطرف آخر، والهم التجاري والكسب المالي على حساب المبادئ والقيم.

امّا هايل عبد الحفيظ، استاذ كلية الشريعة في الأردن، فقد تحدّث عن “العوامل الإعلامية المساعدة في تعزيز ثقافة الوسطية”، معتبر انّ الإعلام يلعب دورا حيويا في صياغة العقول والرأي العام والتحولات السياسية والاجتماعية خاصة بعد انتشار الفضائيات والانترنت، علما انّ الإعلام يستخدم في الدعوة الإسلامية وهذا ما يجعل الأمة الإسلامية أمّة إعلامية في أصلها. كما ودعا هايل إلى أن يكون الإعلام مسؤولا وملتزما ومعبرا عن ثقافة وقيم الأمة والحضارة الإسلامية، وإلى ترسيخ المفاهيم الصحيحة للإسلام وتخليصه من الأوهام وتدعيم الثقافة الإسلامية والالتزام بالضوابط الشعرية كالدقة في نقل المعلومات والتثبت منها وضرورة استخدام الكلمة الطيبة وان يتّصف الإعلام بالإنصاف وعدم التحيّز والتوازن.

واختتم عبد الحميد الأنصاري، استاذ في كلية القانون في قطر الجلسة، بورقة حول الخطاب الإعلامي للوسطية: كيف يجب أن يكون؟ معتبرا انّنا نواجه تحدّ خارجي متمثل بالعدو الصهيوني وتحد داخلي متمثّل بالتخلف، وداعيا إلى ضرورة التمييز بين الوسطية كفكر ومبدأ وقيمة من جهة، وبين ممارسات وسلوك وخطاب يروّج له بالساحة على أنه خطاب وسطي، مطالبا بالحاجة إلى تفعيل ثقافة الاعتدال والتسامح عبر إجراءات عملية، ومؤكدا على أنّ الوسطية هي الرهان المستقبلي والخيار الصائب الذي لا بد من دعمه عبر منهجية وآلية وخطط تعمل على تفعيله عمليا وتحكم الإطار الديني.

مؤتمر “دور الإعلام في تعزيز ثقافة الوسطية” في طرابلس

مؤتمر “دور الإعلام في تعزيز ثقافة الوسطية” في طرابلس

ميقاتي ومتري: الاعتدال والواقعية خيار أغلبية اللبنانيين

المستقبل – السبت 21 شباط 2009 – العدد 3226 – شؤون لبنانية – صفحة 7

طرابلس ـ “المستقبل”

رأى الرئيس نجيب ميقاتي “أن تعزيز ثقافة الوسطية هو تعزيز للحرية الإعلامية وحمايتها وصون للديموقراطية التعددية وحفظ للتوازن في الممارسة والتعبير، مما يحد من الشطط الذي يؤدي الى ممارسات سلبية عانينا منها في لبنان خلال الفترة الماضية، وهدرت ميثاق العيش المشترك الذي يعتبر الضامن الحقيقي لوجود الوطن”. وشدد على “أنه إذا كنا ندعو الى تعزيز إعلام المواطنة، فلأننا نرى في إعلام الطوائف والمذاهب خطراً على هذه الطوائف وتلك المذاهب، في بلد مثل لبنان”.

أما وزير الإعلام طارق متري فشدد على “أن الاعتدال الذي ندعو وسائل الإعلام اللبنانية إليه، ليس بأي صورة من الصور تنازلاًَ طوعياً عن بعض الحرية في القول أو الممارسة المهنية وليس إحجاماً عن اتخاذ المواقف ولا مسايرة للجميع أو تجاهلا للاختلاف بينهم أو حياداً في مسائل هذا الاختلاف، بل هو في المقام الأول صنو العقلنة واحترام الآخر والحوار في بلد متنوع يهدد فيه الغلو والتطرف الوحدة والسلم الأهلي والاستقرار”.

وكان الرئيس ميقاتي رعى، في حضور الوزير متري ومشاركته، افتتاح المؤتمر الدولي الثاني للوسطية في لبنان بعنوان “دور وسائل الإعلام في تعزيز ثقافة الوسطية” في فندق “كواليتي إن” في طرابلس. حضر المؤتمر رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم، النائب سمير الجسر، العميد سمير الشعراني ممثلاً الوزير محمد الصفدي، الوزير السابق سامي منقارة ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الوزير السابق عمر مسقاوي، النائب السابق أحمد كرامي، ممثل النائب مصباح الأحدب العميد فضيل أدهمي، منسق تيار المستقبل في الشمال عبد الغني كبارة، المفتي الشيخ طه الصابونجي، نقيب المحامين في الشمال انطوان عيروط، رئيس اتحاد بلديات الفيحاء رشيد جمالي، وحشد كبير فاق الـ600 شخص، من رؤساء التحرير وأصحاب الصحف وممثلي وسائل الإعلام والهيئات وفاعليات شمالية. وقامت بتنظيم المؤتمر “مجموعة الاقتصاد والأعمال”.

بداية كلمة عريف الحفل مقبل ملك ثم كلمة الدكتور عبد الاله ميقاتي باسم منتدى الوسطية في لبنان وفيها: “إن لغة الإعلام الوسطي لغة جامعة، وليست أبداً لغة إجماع، لأنها لغة الحوار الهادئ والنقاش المتّزن، وهي لغة واسعة تحتمل الاختلاف”.

ثم ألقت عضو مجلس الاعيان الأردني ليلى شرف كلمة فقالت: “نحن اليوم بحاجة إلى حركة تنموية نهضوية شاملة لمجتمعاتنا العربية، حركة إصلاحية جذرية متعددة الجوانب قوامها الوسطية في الفكر والعمل وفي التعاطي مع مرجعياتنا الحضارية. من هنا تبدو الحاجة ملحة للعودة إلى إحياء فكر الوسطية في عقول مواطنينا ونفوسهم ونهجاً لمجتمعاتنا وهوية لحضارتنا”.

وقال وزير الإعلام الأسبق في مصر أحمد أبو المجد: “الوسطية هي نهج فكري وعلمي تعالج معضلة لا يتفرد بها عالمنا الإسلامي والعربي، وهي ظاهرة الاحادية والظهور في المواجهات والغلو التي أخذت تشكّل خطراً على مجتمعاتنا “.

وقال النائب غانم: “في ذاكرة لبنان التاريخية الكثير الذي يدل بالأمثلة كما بالبراهين على انّ لبنان يعشق الوسطية ويرتاح إليها ولعلّه من المفيد أن نعود إلى عام 1970 إذ ساهم تكتّل نيابي وسطي بطريقة فعّالة في الإطاحة بمرحلة سياسية طويلة تفككت برمّتها، وبدأت مرحلة جديدة بدءاً من العام ذاته، ونعني تكتّلاً أطلق على نفسه اسم “تكتّل الوسط”، وكان من أركانه الرئيسان الراحلان سليمان فرنجية وصائب سلام والرئيس كامل الأسعد. هذا التكتّل نجح، كما ساهم بفاعلية بفوز رئيس الجمهورية آنذاك بفارق صوت واحد ضدّ منافسه، فإذا بالوسط قد أثبت نفسه مقرراً لتغيير جذري ومثقالاً لقرار رسّخ الديموقراطية وبصوت واحد فقط”.

وتحدث الوزير متري عن إحدى المزيات التي تؤسس ثقافة الوسطية في طرابلس، حيث تحققت “خلال العقود الأخيرة مصالحة بين اللبنانية والعروبة، جاءت بعد عملية تراكمية في السياسة والثقافة، تسارعت في لبنان كله، وتكثفت منذ سنوات قليلة، إثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وأدت النخب السياسية والثقافية قسطاً غير صغير في انضاجها”.

أضاف متري “ان الاعتدال الذي ندعو وسائل الإعلام اللبنانية إليه ليس بأي صورة من الصور تنازلاًَ طوعياً عن بعض الحرية في القول أو الممارسة المهنية. وليس الاعتدال إحجاماً عن اتخاذ المواقف ولا مسايرة للجميع أو تجاهلاً للاختلاف بينهم أو حياداً في مسائل هذا الاختلاف. بل هو في المقام الأول صنو العقلنة واحترام الآخر والحوار في بلد متنوع يهدد فيه الغلو والتطرف الوحدة والسلم الأهلي والاستقرار. والاعتدال موقف معرفي وأخلاقي يحاكي قواعد السلوك المهني في الإعلام التي تقوم على مبادئ تبدو بديهية غير أن بديهيتها لا تقلل من أهميتها. فالاعتدال يقوم على الحق في المعرفة والتعبير عن الآراء المتنوعة ويعطي الأولوية لفهم الوقائع وهي أولوية الخبر على الرأي.
ويقتضي الاعتدال الإحجام عن نشر كل ما يحض على العنف والكراهية بين اللبنانيين، ويدعو الى الانتقام، ويستخدم لغة الشجار والتحقير والإقذاع والإغلاظ والبذاءة والتهكم المسيء الى كرامات الجماعات والأشخاص. ذلك أننا في هذه الأيام، وهنا أقتبس من رسالة الصوم لغبطة البطريرك صفير “لا نسمع إلاّ ألسنة تنطق على هواها وهي تحمل ما لم يألفه اللبنانيون من ذي قبل من كلام مقذع وألفاظ تحقيرية ومفردات تنحدر بالناس الى مصاف الحيوانات. وهذا دليل على انحدار في الأخلاق ونفوس ملأها الحقد وفتكت بها الضغينة، والكتاب المقدس يقول الإنسان الغضوب يثير النزاع”.

ثم ألقى راعي المؤتمر الرئيس ميقاتي كلمة قال فيها: كثرت في الآونة الاخيرة، قراءات وتفسيرات وتعليقات تناولت الوسطية، بعضها من منظار سياسي مرتبط بالاستحقاق الانتخابي المقبل، والبعض من منطلق التمسك بأحادية الرأي والتمثيل، والبعض من موقع التردد والضياع في تحديد الخيارات أو عدم وضوح ماهية الوسطية ومفاهيمها لديه.

وتابع: إن ثقافة الوسطية هي فعل إرادة طوعية ونهج الغالبية التي يطلق عليها البعض تسمية “الأكثرية الصامتة”. من هنا يبرز دور وسائل الإعلام في تعزيز الثقافة الوسطية من دون تشويه الحقيقة أو التحريض الغريزي.

وقال: إذا كان الاعتدال صنو الوسطية في السياسة وفي التعاطي مع القضايا الوطنية، فإن الموضوعية صنو الوسطية في الإعلام، التي تعني أيضاً في مفهومنا، احترام الرأي الآخر من خلال احترام إرادة الرأي العام وخياراته المتعددة، كما تفرض إقران الرأي والموقف بالحجة والدليل والواقعية، وإسقاط التفرد والاحتكار والنهائية التي نلاحظ، ويا للأسف، وجود جنوح اليها لدى بعض الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية. لكني أسارع الى القول بأن الوسطية في الإعلام لا يمكن أن تعني بأي شكل من الأشكال، افتقاد المبادرة والاكتفاء بردات الفعل، كما أنها لا تعني عدم الالتزام بالدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى، أو بحماية أسس الوفاق الوطني، ووحدة الأرض والشعب والمؤسسات، وبقيام سيادة الدولة وغيرها من الثوابت الوطنية التي لا مواقف وسط ممن يحاولون المساس بها أو الإساءة اليها.

أضاف: إننا نرى أن الإعلام الذي يعبّر عن ثقافة الوسطية، هو الذي يسلط الضوء على أهمية المواطنة في المجتمع من دون أن يغفل القيمة المضافة التي تميز لبنان من خلال تعدد طوائفه وثقافاته التي هي مصدر غناه، ودورها الايجابي في تفاعل الحضارات والثقافات التي جعلت من بلدنا وطن الدور والرسالة. لذلك فإننا ندعو الى تعزيز إعلام المواطنة، لأننا نرى في إعلام الطوائف والمذاهب خطراً على هذه الطوائف وتلك المذاهب، في بلد مثل لبنان، لا تستسيغ الغالبية الكبرى من أهله التطرف بل تدعو الى احترام القناعات والخيارات ومناقشتها بالحجج والمنطق والموضوعية.

وقال: إن الخطأ، كل الخطأ، في القول بأن موقف الوسطيين هو “لا موقف”، ذلك أن عدم التزام أحد موقفين متطرفين، هو موقف في حد ذاته، ومن يحكم في صحة هذا الموقف هو الرأي العام الذي يفترض أن تنقل وسائل الإعلام رأيه بحرية وأمانة وتجرد، لا أن تتناوب، عن إدراك أو غير إدراك، في الترويج فقط للموقفين المتطرفين، فتحرم آنذاك مجموعات من الرأي العام من إبراز موقفها الوسطي، وتصادر حرية الإنسان التي نجد في وسائل الإعلام المنبر الأبرز للتعبير عنها.

أضاف: لذا فإن تعزيز ثقافة الوسطية، هو تعزيز للحرية الإعلامية وحمايتها، وهو أيضاً صون الديموقراطية التعددية، وحفظ التوازن في الممارسة والتعبير، مما يحد من الشطط الذي يؤدي إلى ممارسات سلبية عانينا منها في لبنان خلال الفترة الماضية، وهدرت ميثاق العيش المشترك الذي يعتبر الضامن الحقيقي لوجود الوطن.

بعد ذلك بدأت جلسات عمل المؤتمر التي تستمر يومين وتختتم بإذاعة البيان الختامي والتوصيات.

أوساط ميقاتي: لانسعى الى دعاية انتخابية

أوساط ميقاتي: لانسعى الى دعاية انتخابية

بل ترسيخ نمط تفكير وسطي ركيزته الحوار

22/2/2009 – جريدة الديار – دموع الأسمر

مما لا شك فيه أن معظم المواطنين قد سئموا الخطاب السياسي المتطرف وسئموا لغة الشتائم التي باتت إحدى سمات العمل السياسي في هذا الزمن الذي لا يشبه أي زمن حتى زمن القرون الوسطى.

هذا ما يراه مواطنون مراقبون للأحداث ولحركة الاستحقاق الانتخابي التي لا تزال باردة وبطيئة على الساحة الطربلسية حيث كل الأطراف تقف مراقبة ومترقبة كل ينتظر الآخر.

في طرابلس، شريحة واسعة تضع ذاتها ضمن الأكثرية الصامتة فلا هي مع 8 آذار و لا هي مع 14 آذار، هذه الأكثرية الصامتة في معظمها هي من الطبقة النخبوية والطبقة المثقفة وأيضا منها في الطبقة الشعبية المتضررة من الأحداث المؤلمة التي حصلت في طرابلس فوجدت نفسها غير مستفيدة لا من 8 و لا 14 آذار. والدليل على ذلك زيادة حرمان فوق الحرمان في أحياء التبانة التي استمرت أحزمة البؤس فزاد الدمار في بؤسها وخرجت من الأحداث أكثر فقرا وقهرا.

في ظل هذا الواقع الطرابلسي الراهن ورغم كل الأحاديث التي تدور حول تشكيلة لوائح وحول تحالفات وكل ما يدور من مشاورات ولقاءات لم تخرج بعد الى حيّز التنفيذ حتى ولو بالحد الأدنى… وفي ظل هذا السجال المتطرف بين فريقي الموالاة والمعارضة هناك من لا يجد نفسه الا وسطيا مما يعني أن كثيرا من الناخبين سوف يعمدون الى تشكيل لوائحهم التي ترضي طموحاتهم وربما أن فكرة الوسطية الي أطلقها الرئيس نجيب ميقاتي قد ولدت من رحم هذا الواقع الطرابلسي فكان الرئيس ميقاتي أول من أطلق الوسطية كمشروع حضاري. وحين طرح ميقاتي هذه الوسطية لم يكن في الساحة السياسية أي كلام عن كتلة وسطية في هذه الدائرة أو تلك. ولم تكن هذه الفكرة مجرد استثمار أو توظيف سياسي لمشكلة ما في هذا الاستحقاق الانتخاببي.

فبرأي الرئيس ميقاتي أن كتلة الوسطية التي يحكى عنها حاليا هي أمر موسمي وعارض وهي تأتي ضمن اصطفاف سياسي غايته حد أصوات من هنا وهناك. لكن في الواقع أن الوسطية نادى بها الرئيس ميقاتي وجعلها شعارا له قال: “أن التسامح والاعتدال والوسطية هي السبيل للوصول بالوطن الى شاطىء الأمان”.

من هذا المنطلق دعا ميقاتي عبر منتدى الوسطية الى المؤتمر الثاني الذي يختتم أعماله اليوم والتي استمرت ثلاثة أيام بعنوان “دور الاعلام في تعزيز ثقافة الوسطية”.

ذلك أن المواطنين بعد كل ما شهدوه من تطرف باتوا يطمحون الى خطاب معتدل ومتوازن وهو سمة من سمات الفكر الوسطي والاعلام الوسطي.

أوساط الرئيس ميقاتي قالت أن هذا المؤتمر لا يسعى الى دعاية انتخابية أو طرح شعارات موسمية إنما غايته ترسيخ خط تفكير وسطي في أذهان الناس ويرتكز على الحوار والتوازن والاعتدال وعلى أن يكون النهج الوسطي منهج حياة.

غير أن إنعقاد هذ المؤتمر وقبل ثلاثة أشهر من الاستحقاق الانتخابي سيشكل خطوة هامة في ترسيخ الفكر الوسطي تمهيدا لتجسيد هذا الفكر في تشكيل اللائحة التي يطمح اليها الرئيس نجيب ميقاتي في سعي دؤوب لاختيار الوسطيين من أبناء مدينة طرابلس منعا لأخذ المدينة نحو اتجاهات حادة أو متطرفة.

وحركة الرئيس نجيب ميقاتي حسب المراقبين يحكمها النهج الوسطي الذي ينتهجه ولذلك تراه اليوم منفتحا على كل الاحتمالات من تحالف انتخابي قد يشهد النور في وقت قريب.

المؤتمر الدولي الثاني للوسطية في طرابلس يناقش دور وسائل الاعلام في تعزيز ثقافة التوازن

جريدة الأنوار – السبت 21 شباط 2009

المؤتمر الدولي الثاني للوسطية في طرابلس يناقش دور وسائل الاعلام في تعزيز ثقافة التوازن

افتتح في فندق كواليتي ان في طرابلس امس الموتمر الدولي الثاني للوسطية في لبنان بعنوان دور وسائل الاعلام في تعزيز ثقافة الوسطية برعاية الرئيس نجيب ميقاتي ومشاركة وزير الاعلام طارق متري.
وحضر المؤتمر رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية روبير غانم، النائب سمير الجسر، العميد سمير الشعراني ممثلا الوزير محمد الصفدي، الوزير السابق سامي منقارة ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الوزير السابق عمر مسقاوي، النائب السابق أحمد كرامي، ممثل النائب مصباح الأحدب العميد فضيل أدهمي، منسق تيار المستقبل في الشمال عبد الغني كبارة، المفتي الشيخ طه الصابونجي، نقيب المحامين في الشمال انطوان عيروط، رئيس اتحاد بلديات الفيحاء رشيد جمالي، مديرة الوكالة الوطنية للاعلام لور سليمان صعب ، وحشد كبير فاق ال 600 شخص.

بداية كلمة عريف الحفل مقبل ملك ثم كلمة الدكتور عبد الاله ميقاتي باسم منتدى الوسطية في لبنان ثم ألقت عضو مجلس الاعيان الاردني ليلى شرف كلمة جاء فيها: نحن اليوم بحاجة إلى حركة تنموية نهضوية شاملة لمجتمعاتنا العربية، حركة إصلاحية جذرية متعددة الجوانب قوامها الوسطية في الفكر والعمل وفي التعاطي مع مرجعياتنا الحضارية. من هنا تبدو الحاجة ملحة للعودة إلى إحياء فكر الوسطية في عقول مواطنينا ونفوسهم ونهجا لمجتمعاتنا وهوية لحضارتنا. فأي برنامج إصلاحي تطويري تنموي لا يمكن أن يكون فعّالا أو مستداما إذا لم تسانده عقليات جديدة ومواقف متطورة تمثّل الأسس الفكرية والأخلاقية التي يقوم عليها هذا الإصلاح.
ثم ألقى وزير الاعلام الاسبق في مصر أحمد أبو المجد كلمة قال فيها : الوسطية هي نهج فكري وعلمي تعالج معضلة لا يتفرد بها عالمنا الاسلامي والعربي ، وهي ظاهرة الاحادية والظهور في المواجهات والغلو التي أخذت تشكّل خطرا على مجتمعاتنا . وقال : أن خطر الغلو والتطرف ليس مقتصرا علينا فالعصر هو عصر العنف ونحن نعيش في ظل نظام عالمي يغيب فيه عنصر التوازن .
غانم
والقى رئيس لجنة الادارة والعدل النيابية النائب روبير غانم كلمة جاء فيها : في ذاكرة لبنان التاريخية الكثير الذي يدل بالأمثلة كما بالبراهين على انّ لبنان يعشق الوسطية ويرتاح إليها ولعلّه من المفيد أن نعود إلى عام 1970 حيث ساهم تكتّل نيابي وسطي بطريقة فعّالة في الإطاحة بمرحلة سياسية طويلة تفككت برمّتها، وبدأت مرحلة جديدة بدءا من العام ذاته، ونعني تكتّلا أطلق على نفسه اسم تكتّل الوسط، وكان من أركانه الرئيسان الراحلان سليمان فرنجية وصائب سلام والرئيس كامل ا لأسعد. هذا التكتّل نجح، كما ساهم بفاعلية بفوز رئيس الجمهورية آنذاك بفارق صوت واحد ضدّ منافسه، فاذا بالوسط قد أثبت نفسه مقررا لتغيير جذري ومثقالا لقرار رسّخ الديمقراطية وبصوت واحد فقط.
متري
أما وزير الاعلام طارق متري فشدد على أن الاعتدال الذي ندعو وسائل الإعلام اللبنانية إليه ، ليس بأي صورة من الصور تنازلاًَ طوعياً عن بعض الحرية في القول أو الممارسة المهنية وليس إحجاما عن اتخاذ المواقف ولا مسايرة للجميع أو تجاهلا للاختلاف بينهم او حيادا في مسائل هذا الاختلاف ، بل هو في المقام الاول صنو العقلنة واحترام الآخر والحوار في بلد متنوع يهدد فيه الغلو والتطرف الوحدة والسلم الاهلي والاستقرار. ورأى أن الميزة التي تؤسس ثقافة الوسطية فهي ما تحقق في طرابلس خلال العقود الأخيرة من مصالحة بين اللبنانية والعروبة.
واخيرا قال الرئيس نجيب ميقاتي أن تعزيز ثقافة الوسطية هو تعزيز للحرية الاعلامية وحمايتها وصون للديمقراطية التعددية وحفظ للتوازن في الممارسة والتعبير، مما يحد من الشطط الذي يؤدي الى ممارسات سلبية عانينا منها في لبنان خلال الفترة الماضية، وهدرت ميثاق العيش المشترك الذي يعتبر الضامن الحقيقي لوجود الوطن.
وشدد على أنه إذا كنا ندعو الى تعزيز اعلام المواطنة ، فلأننا نرى في اعلام الطوائف والمذاهب خطرا على هذه الطوائف وتلك المذاهب، في بلد مثل لبنان، لا تستسيغ الغالبية الكبرى من أهله التطرف بل تدعو الى احترام القناعات والخيارات ومناقشتها بالحجج والمنطق والموضوعية.

مؤتمر دور وسائل الإعلام في تعزيز ثقافة الوسطية في طرابلس ميقاتي: الوسطية صنو الموضوعية وإعلام الطوائف خطر عليها متري: الاعتدال عقلنة والغلو في بلد متنوع يهدد استقراره

السبت, شباط 21 2009 الموافق 26 صفر 1430ه

مؤتمر دور وسائل الإعلام في تعزيز ثقافة الوسطية في طرابلس
ميقاتي: الوسطية صنو الموضوعية وإعلام الطوائف خطر عليها
متري: الاعتدال عقلنة والغلو في بلد متنوع يهدد استقراره

طرابلس – اللواء: رأى الرئيس نجيب ميقاتي ان تعزيز ثقافة الوسطية هو تعزيز للحرية الإعلامية وحمايتها وصون للديمقراطية التعددية وحفظ للتوازن في الممارسة والتعبير.
رعى الرئيس ميقاتي امس المؤتمر الدولي الثاني للوسطية في لبنان تحت عنوان: دور وسائل الاعلام في تعزيز ثقافة الوسطية في فندق كواليتي إن في طرابلس حضره وزير الاعلام الدكتور طارق متري، رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية روبير غانم، النائب سمير الجسر، العميد سمير الشعراني ممثلا الوزير محمد الصفدي، الوزير السابق سامي منقارة، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الوزير السابق عمر مسقاوي، النائب السابق أحمد كرامي، ممثل النائب مصباح الأحدب العميد فضيل أدهمي، المفتي الشيخ طه الصابونجي، نقيب المحامين في الشمال انطوان عيروت، مديرة الوكالة الوطنية للاعلام لور سليمان صعب، رئيس اتحاد بلديات الفيحاء رشيد جمالي، منسق تيار المستقبل في الشمال عبد الغني كبارة، وحشد كبير فاق الـ600 شخص، من رؤساء التحرير وأصحاب الصحف وممثلي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة والهيئات النقابية والأهلية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والدينية وفاعليات شمالية. وقامت بتنظيم المؤتمر

بداية ألقى عريف الحفل مقبل ملك كلمة ترحيبية، ثم تحدث الدكتور عبد الإله ميقاتي باسم منتدى الوسطية في لبنان، فأكد أن لغة الإعلام الوسطي لغة حضارية تسعى إلى نقل المعلومات الصحيحة ومخاطبة الفكر وتحجيم التطرف ورفض التعنت. وكأنها السهل الممتنع. سهلة الممارسة، أطرها منفتحة، تواصلها مع الجميع، عصية على الإرهاب والعنف، وتأبى الإكراه والظلم، وترفض إثارة النعرات والغرائز>.

بعدها ألقت عضو مجلس الأعيان الأردني ليلى شرف كلمة أكدت فيها اننا اليوم بحاجة الى حركة تنموية نهضوية شاملة لمجتمعاتنا العربية، حركة إصلاحية جذرية متعددة الجوانب قوامها الوسطية في الفكر والعمل وفي التعاطي مع مرجعياتنا الحضارية. من هنا تبدو الحاجة ملحة للعودة إلى إحياء فكر الوسطية في عقول مواطنينا ونفوسهم ونهجا لمجتمعاتنا وهوية لحضارتنا. فأي برنامج إصلاحي تطويري تنموي لا يمكن أن يكون فعالا أو مستداما إذا لم تسانده عقليات جديدة ومواقف متطورة تمثل الأسس الفكرية والأخلاقية التي يقوم عليها هذا الإصلاح>.

ثم ألقى وزير الاعلام الأسبق في مصر أحمد أبو المجد كلمة، قال فيها: <الوسطية هي نهج فكري وعلمي تعالج معضلة لا يتفرد بها عالمنا الاسلامي والعربي ، وهي ظاهرة الاحادية والظهور في المواجهات والغلو التي أخذت تشكل خطرا على مجتمعاتنا. وأن خطر الغلو والتطرف ليس مقتصرا علينا فالعصر هو عصر العنف ونحن نعيش في ظل نظام عالمي يغيب فيه عنصر التوازن <. غانم ثم كانت كلمة النائب روبير غانم ومما جاء فيها: الوسطية مفهوم ومصطلح يتعرضان منذ فترة الى مختلف عمليات الاختطاف والتبسيط والاستحواذ وحتى الاتهام، قبل الخوض في مقاربة أسباب هذا التصرف لنبدأ بتحديد مفهوم الوسطية ودلالتها: وقال: يشمل مفهوم الوسطية الاعتدال والقصد والتيسير كما يشمل التوازن والاستقامة، ولعل مقولة أن نتذكر أضداد الوسطية مثل الإفراط والتفريط والمغالاة والتطرف. في المصطلح ايضا قيل عن الوسطية: إنها قواعد الموازنات بين الثابت والمتغير أو بين التطرف في الحدود القصوى ولعل الأهم أن نحدد من المصطلح آفاق المفهوم: الوسطية منهج يقوم على وضع الشيء في موضعه كما أن الوسطية لا تعني التوسط بين طرفين بل تعني اختيار الأفضل. في سياق السياسة الاجتماعية تبرز الوسطية على أنها تعزيز لقيم المواطنة وإعلاؤها فوق الانتماءات الأخرى طائفية كانت أم مذهبية أو حتى من العشائرية القبلية الى الأيديولوجية. وهي حاجة فطرية للمواطن في الأنظمة الديمقراطية، لأن الديمقراطية هي أكثر من نظام ولذلك تتطلب مشاركة فعالة من المواطنين الواعين لأهميتها والذين يتحملون مسؤولية خياراتهم. ومن منطلق الوسطية يمكن للانسان أن يكون عنده القدرة الكافية لتكوين رأي صائب في مجال الاختيارات الأساسية>.

وقال:> هذا في المنهج فكيف الأمر في السلوك: الوسطية سلوك متزن قائم على إرساء أسلوب الحوار ويتوخى أن يصل الى وجهة الفهم كما يقصي عن ممارساته الغلو والتطرف والعناد في الرأي ويستعيض عنها بالوعي ومقاربة الزوايا الحادة بالموضوعية المجردة، مبدأ الوسطية أن لا احد يملك الحق المطلق ولا وكالة حصرية في السياسة. إذا كانت السياسة علم الممكن فهي ايضا علم الوسطية بمعنى رفضها أن تصبح ثابتة راسخة كحقيقة علمية مطلقة. لا يمكن لأحد أن يدعي امتلاك مفاتيح التأويل والأحكام المبرمة، لذا حتمية السلوك الوسطي كمنهج يعتمده الباحث عن الأفضل لأفضل الحالات.

الوسطية والعدالة: وأكد أن الطبيعة البشرية في منازعها تميل الى صراع دائم بين اتجاهين متعاكسين وعليه يضيق صدر كل طرف عندما يجد من لا يريد أن يصطف في هذا الطرف أو في نقيضه. الوسطي عقل راجح يبحث عن العدالة ويكون في سعيه مفتوح الآفاق لكي يعتمد الاعتدال أداة تقيه من التطرف والمبالغة. إن المؤمن بالوسطية يعتبر أن الحقيقة ليست لزاماً في طرف دون آخر وعليه يرفع شعارا يستوحيه من مبادئه وهي قائمة على البحث عن أنه الأفضل وبناء> عليه يعتمد مبدأ المصارحة دون المجارحة. الوسطي يطرح رأيه دون تفرد ودون انفعال، يصارح في قناعاته ويتجنب التفسيرات المسطحة والتعميمات الظالمة والأهم انه يعتمد تجنب المجارحة حيث لا يريد نقاشه حادا او جارحا او عنيفا، يقارب الحقيقة ولا يحتكرها، يلتزم الوسط بالقناعة لا بالمساومة، لذا:

هو أبعد من يكون عن المستقيل عن الإلتزام بل هو مستقل في التزامه، هو أبعد من يكون عن المساومة لأنه الاقرب الى العدل والعدالة والاعتدال، هو الأبعد من الهروب من أخذ موقف لأنه الأقرب للالتزام بالعقل لا بالغريزة، هو الأبعد عن المراوحة والتسويف لأنه الأقرب الى التصريح عن موقفه الذي يعبر عنه برفض الاصطفاف>.

وختم: <على هذه الأسس أجمل ما قيل في الوسطية: . الأبعاد الديمقراطية تعني في جوهر وجودها، دعما مطلقا لقبول الآخرين وبالتالي يصبح الإنسان وسطيا بعد أن يكتشف بعقله وضميره أن الحقيقة لدى كل شركاء الوطن وليست محصورة بفريق دون فريق. الوسطي إنسان ثقافة وقيم ولديه المقدرة أن يكون رأيه لا أن يستورده كطعام جاهز أو كلباس معمم من المعامل والألبسة الجاهزة. أعتز ان تجربتي الشخصية منذ بدء تواصلي مع الشأن العام وفي مختلف المواقع والمسؤوليات، كما المراحل، التزمت الوسطية منهجا وسلوكا وسأبقى على قناعتي ان من يدرك سر لبنان، هو من يدرك أيضا أن الوسطية قدر لبنان، لذا الوسطية التزام إرادي واختيار عقلاني. أتمنى على من يضيق صدرهم بالوسطيين أن يأخذوا العبرة من صدور الوسطيين التي لا تضيق>.

متري

بعد ذلك، تحدث وزير الاعلام طارق متري فقال: نتفكر اليوم من طرابلس في شؤون الاعلام وعيننا على الوسطية والاعتدال، فالمدينة هذه كثيراً ما اتسمت الحيوية السياسية والثقافية فيها بالمواءمة بين لون من ألوان المحافظة ونوع من الجسارة في الانفتاح وتقبل الحداثة. وهي مدينة، رغم كل ما تعرضت له وعانت منه، جاهدت وصبرت ولم تفقد مرة واحدة، بأكثرية أبنائها وبناتها، عددا من الميزات. حسبي أن أخص منها اثنتين تجعلان من الاعتدال نمط حياة ونوعية علاقات. وتتصل الميزة الأولى بوحدة طرابلس في تنوعها، فهي مدينة لم ترض يوما أن تنشئ وحدتها على حساب التنوع، منذ أن أطلق عليها اسم وحتى الأزمنة الحديثة والمعاصرة. وفد إليها الكثيرون من بلدان قريبة وبعيدة، عربية وغير عربية ومن مناطق مجاورة في بلاد الشام ولبنان الحديث واستقروا فيها، ومنهم من عبر ثم عاد. وكانت تغتني بمساهماتهم، في الاقتصاد والاجتماع والعلم والثقافة وفي السياسة أيضا. ولطالما تجددت بهم شخصيتها الجمعية.

وتابع الوزير متري:> لم تعرف طرابلس ذلك النزوع الذي يتهدد البيئات المغلقة، نحو القطيعة والانكفاء، كما لم تعرف مشاعر العداء للآخر المختلف ورفضه والتميز ضده>.

وتابع: <أما الميزة الثانية التي تؤسس ثقافة الوسطية فهي ما تحقق في طرابلس خلال العقود الأخيرة من مصالحة بين اللبنانية والعروبة. وجاءت هذه المصالحة بعد عملية تراكمية، في السياسة والثقافة، تسارعت في لبنان كله وتكثفت منذ سنوات قليلة، اثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري. وأدت النخب السياسية والثقافية، والتي تنضم إلى مداولاتكم صفوة طيبة منها، قسطاً غير صغير في إنضاجها. اضاف: <لا يخفى على أحد، أن الاعتدال الذي ندعو وسائل الإعلام اللبنانية إليه ليس بأي صورة من الصور تنازلا طوعيا عن بعض الحرية في القول أو الممارسة المهنية. وليس الاعتدال إحجاما عن اتخاذ المواقف ولا مسايرة للجميع أو تجاهلا للاختلاف بينهم او حيادا في مسائل هذا الاختلاف . بل هو في المقام الأول صنو العقلنة واحترام الآخر والحوار في بلد متنوع يهدد فيه الغلو والتطرف الوحدة والسلم الاهلي والاستقرار. والاعتدال موقف معرفي وأخلاقي يحاكي قواعد السلوك المهني في الاعلام التي تقوم على مبادىء تبدو بديهية غير أن بديهيتها لا تقلل من أهميتها. فالاعتدال يقوم على الحق في المعرفة والتعبير عن الاراء المتنوعة ويعطي الأولوية لفهم الوقائع وهي أولوية الخبر على الرأي. ويقتضي الاعتدال الاحجام عن نشر كل ما يحض على العنف والكراهية بين اللبنانيين ، ويدعو الى الانتقام، ويستخدم لغة الشجار والتحقير والإقذاع والإغلاظ والبذاءة والتهكم المسيء الى كرامات الجماعات والأشخاص. ميقاتي ثم ألقى راعي المؤتمر الرئيس ميقاتي كلمة قال فيها: . اضاف: . وتابع: إذا كان الاعتدال صنو الوسطية في السياسة وفي التعاطي مع القضايا الوطنية، فان الموضوعية هي صنو الوسطية في الاعلام، التي تعني أيضا في مفهومنا، احترام الرأي الآخر من خلال احترام إرادة الرأي العام وخياراته المتعددة ، كما تفرض إقران الرأي والموقف بالحجة والدليل والواقعية، واسقاط التفرد والاحتكار والنهائية التي نلاحظ ، ويا للاسف، وجود جنوح اليها لدى بعض الاعلاميين والمؤسسات الاعلامية. لكني أسارع الى القول بأن الوسطية في الاعلام لا يمكن أن تعني بأي شكل من الاشكال، افتقاد المبادرة والاكتفاء بردات الفعل ، كما انها لا تعني عدم الالتزام بالدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى، أو بحماية أسس الوفاق الوطني، ووحدة الأرض والشعب والمؤسسات، وبقيام سيادة الدولة وغيرها من الثوابت الوطنية التي لا مواقف وسط ممن يحاولون المساس بها أو الإساءة إليها>.

اضاف: .

وقال : إن الخطأ، كل الخطأ، في القول بأن موقف الوسطيين هو ، ذلك أن عدم التزام أحد موقفين متطرفين، هو موقف في حد ذاته ، ومن يحكم في صحة هذا الموقف هو الرأي العام الذي يفترض أن تنقل وسائل الاعلام رأيه بحرية وامانة وتجرد، لا ان تتناوب ، عن ادراك أو غير ادراك ، في الترويج فقط للموقفين المتطرفين، فتحرم آنذاك مجموعات من الرأي العام من ابراز موقفها الوسطي، وتصادر حرية الانسان التي نجد في وسائل الاعلام المنبر الأبرز للتعبير عنها>.

أضاف: .

وتابع : إننا نرى الوسطية في الإعلام ، دعوة دائمة ومفتوحة الى حوار ميدانه وسائل الاعلام، في كل ما يهم الناس من قضايا، ولا أعني هنا المواضيع السياسية فقط، بل كذلك الهموم الحياتية والاجتماعية والانسانية والتربوية والثقافية والبيئية والصحية .

ووحدها ثقافة الوسطية في وسائل الاعلام، توفر المساحة الأرحب لحوار رصين ومتكافئ ومتوازن ومنتج، بعيدا عن مفردات التجريح والشتم والتخوين والتهديد والاصطفاف التي تحفل بها وسائل اعلامنا هذه الايام، حيث سقطت ، أو تكاد، كل القيم والمعايير والمقاييس والاعتبارات التي ميزت الاداء السياسي اللبناني قبل أجيال>.

بعد ذلك بدأت جلسات عمل المؤتمر التي تستمر اليوم وغداً على أن تختتم بإذاعة البيان الختامي والتوصيات.