المؤتمر الدولي الثاني في طرابلس حول دور وسائل الاعلام في تعزيز ثقافة الوسطية المشاركون يثمّنون مبادرة الرئيس نجيب ميقاتي وجهود جمعية العزم والسعادة وترحيب طرابلس

الخميس, شباط 26 2009 الموافق 1 ربيع الأول 1430

المؤتمر الدولي الثاني في طرابلس حول دور وسائل الاعلام في تعزيز ثقافة الوسطية
المشاركون يثمّنون مبادرة الرئيس نجيب ميقاتي وجهود جمعية العزم والسعادة وترحيب طرابلس

مؤتمرات دولية مطّردة النجاح في أقل من عام كرّست الدعوة التي أطلقها الرئيس نجيب ميقاتي باعتماد فكان المؤتمر الأول حول في 11 – 12 – 13 نيسان 2008، ثم المؤتمر الثاني بعنوان في 28 آب من العام نفسه، وأخيراً وليس آخراً المؤتمر الدولي الثالث تحت عنوان <دور وسائل الاعلام في تعزيز ثقافة الوسطية في 20 - 21 شباط الجاري· أكثر من ثلاثين محاضراً ومفكّراً وباحثاً من ست دول عربية هي: الاردن والسعودية والسودان ومصر والمغرب فضلاً عن لبنان، ناقشوا خلال اربع جلسات اضافة الى جلسة الافتتاح مختلف جوانب المفاهيم والدلالات واهمية خطاب الوسطية لتعزيز وسطية الاعلام مضموناً وخطاباً ورسالة ولغة من اجل تكريس الامن الاجتماعي والارتقاء بدور وسائل الاعلام المختلفة وتجنيبها المشاركة في الصراع السياسي الحاد او على الاقل دعوتها للاسهام في تخفيف حدّة هذا الصراع وتداعياته· إنه دور مميز لجمعية العزم والسعادة التي تنكّبت القيام بهذه المهمة الحيوية التي كرّست نهج الرئيس ميقاتي وبلورت دعوته الى الوسطية بالاشتراك مع المنتدى العالمي للوسطية، كما حققت لمدينة طرابلس حضوراً متقدّماً عزّزت من خلال هذه المؤتمرات دورها في الدعوة الى الوسطية والاعتدال الذي تنتهجه الفيحاء ما يؤكد انها تحتضن بقوة هذه الدعوة الموائمة لمسيرتها وتاريخها وحاضرها· ولم يتردد المفكرون والباحثون الذين شاركوا او حضروا المؤتمر الاخير في الاعراب عن تقديرهم لمبادرة الرئيس ميقاتي وجهود جمعية العزم والسعادة بإشراف الدكتور عبد الإله ميقاتي وسائر المنظمين الذين أسهموا في نجاح هذا المؤتمر· كما أكدوا امتنانهم لطرابلس واهلها على هذه الحفاوة التي جعلتهم يشعرون انهم بين اهليهم· التقى بضعة عشر محاضراً ومشاركاً في حوار حول آرائهم في هذا المؤتمر، فضلاً عن ايراد بعض ما قاله عدد من الخطباء في جلسة الافتتاح نوردهم في البدء: قال وزير الاعلام طارق متري: نتفكر اليوم من طرابلس في شؤون الاعلام وعيننا على الوسطية والاعتدال، فالمدينة هذه كثيراً ما اتسمت الحيوية السياسية والثقافية فيها بالمواءمة بين لون من ألوان المحافظة، ونوع من الجسارة في الانفتاح وتقبل الحداثة· وقال النائب روبير غانم: تحية من العقل والقلب الى هذا المؤتمر الكريم وراعيه دولة الرئيس نجيب ميقاتي لأن هذا النشاط هو الطريق الاقرب لتحقيق ما يرمز اليه مبرر وجود لبنان وما يمنح المواطن المناعة والسلام الداخلي الذي طال انتظاره رغم ان اللبنانيين اكثر المستحقين له، واكثر الجديرين به· وأتمنى على من يضيق صدرهم بالوسطيين ان يأخذوا العبرة من صدور الوسطيين التي لا تضيق· وقالت عضو مجلس الاعيان الاردني الوزيرة ليلى شرف: يأتي انعقاد هذا المؤتمر الدولي للوسطية والعالم لا يزال يعيش تحت وطأة مرحلة يخيّم عليها جو من التطرّف تتفاعل مضاعفاته بين المسببات وردود الفعل من جهات متعددة· أتمنى لهذا المؤتمر النجاح والانجاز كما انجز المؤتمرات السابقة فأثرت المكتبة العربية بمراجع تنموية ثقافية سياسية هامة· وقال رئيس تحرير جريدة صلاح سلام: أود أولاً أن أهنّئ الرئيس نجيب ميقاتي على مبادرته السباقة في تبني فكرة إطلاق ثقافة الوسطية في لبنان، في مرحلة كاد يغيب فيها كل ما له علاقة بالفكر الوسطي في السياسة اللبنانية، ويبدو ان لدولته دوراً بارزاً في اقتراح كتلة الوسط التي كثر السجال حولها مؤخراً، والتي ستثبت الانتخابات النيابية المقبلة ان نواب الوسط لهم لون لبناني وطعم بلدي ورائحة وطنية· وفي حوار مع عدد من المنتدين والمشاركين لـ قال الدكتور عبد الحليم عويس من مصر: اعتقد ان المؤتمر نجح نجاحاً كبيراً مع ان مدته الزمنية قصيرة، ولكن الموضوعات التي أثيرت مهمة لحسم بعض القضايا التي تتداول في منتديات الوسطية عبر العالم، وهذا المؤتمر لعله حسم كثيراً من المفاهيم والقضايا المتصلة بمعنى الوسطية واعطى بعداً حضارياً جيداً ونأمل ان تلعب طرابلس وجمعية العزم والسعادة ومنتداها الوسطي دوراً مهماً في صناعة المستقبل الاكثر تفاهماً وتواصلاً مع الآخرين والاكثر احتراماً للناس· لقد كان المؤتمر اضافة واضاءة لكثير من المعالم التي تتصل بقضية الوسطية التي اصبحت همّاً اسلامياً بعد ان ذاقت الامة كثيراً من صور المعاناة عن طريق المتطرّفين سواء أكانوا من الملحدين أم الذين يتحدثون باسم الإسلام· ورأى المهندس مروان فاعوري رئيس منتدى الوسطية في الاردن والمنسق العام للمنتدى العالمي للوسطية: ان هذا المؤتمر الثالث الذي يجري في طرابلس وينظّمه منتدى الوسطية اعتقد انه يكتسب اهميته لأنه يتطرق الى موضوع متخصص من مواضيع، الساحة السياسية والتي هي بأمسّ الحاجة اليها، فهو يتحدث عن الاداة لتوصيل فكرة الوسطية الى الناس وهي الاعلام الذي ركز عليه المؤتمر بشكل اساسي، والحاجة الى ميثاق شرف اعلامي يسعى الى تكوين اعلام صادق وليس اعلام انظمة وليس في الوقت نفسه اعلاماً تجارياً وإنما ينقل الحقيقة ويوصلها للناس· واعتقد ان المؤتمر أصبح مائة بالمائة ويحقق اهدافه ويأتي ضمن سلسلة اعمال استراتيجية لتيار الوسطية مع شكرنا وتقديرنا الكامل لدولة الرئيس نجيب ميقاتي راعي المنتدى· وقال الدكتور محمد الخطيب من الاردن: لا شك في أن للمؤتمر دوراً كبيراً في الوقت الحاضر بإبرازه وتعزيزه ثقافة الوسطية خاصة في وسائل الاعلام المختلفة لأننا من غير الاعلام وتعزيز وسائل الاعلام لا يمكن للوسطية ولثقافة الوسطية ان تعزز في المجتمع العربي بالذات لأن الافراط والتفريط كثيرا في هذه الايام ولا بد من الاستعانة بوسائل الاعلام في هذه القضية· والحمد لله ان المؤتمر بشكل عام كان ناجحاً بجهود جمعية العزم والسعادة وراعيها الرئيس ميقاتي وسيكون حلقة طيبة وكبيرة من حلقات تعزيز ثقافة الوسطية· وقال مدير الدراسات العربية والاوروبية بمركز الاهرام الدكتور عمرو الشوبكي: لقد كان المؤتمر جيداً على كل المستويات، من حيث التنظيم ومستوى المحاضرين والحضور، وعلى مستوى الموضوع الذي يطرح قضايا فكرية وعقائدية تتعلق بمنهج الوسطية وفي الوقت نفسه يربطها بالواقع السياسي والمعاش وربما التحديات السياسية الموجودة في لبنان وهذه ايضاً قدرة ملحوظة للمنظمين بحيث اننا نحن القادمين من خارج المشهد اللبناني لم نشعر بغربة، واعتقد ان زملاءنا اللبنانيين لم يشعروا اننا نتحدث في امور غريبة عنهم· وقال الداعية محمد طلابي من المغرب: حين حضرت الى طرابلس في المؤتمر السابق واليوم تأكد لي بالفعل ان فكرة الوسطية كمنهج ضرورة تاريخية، وأرى من رموز لبنان وعلى رأسهم الرئيس نجيب ميقاتي وكبار الحاضرين والمفكرين، وهذا ما يؤكد بأن فكرة الوسطية ضرورية عند الأمة الاسلامية، ومن هنا اعتبر ان هذا المؤتمر ناجح، وإن شاء الله ان الفكرة ستنتصر في لبنان لماذا!؟ لأنه البلد الاكثر حاجة الى منهج الوسطية وإلى منهج التركيب والتنسيق بين كل الافكار من اجل ضمان استقرار البلد الذي نحبه فهو بلد الانتاج الفكري والحضارة، واعتبر ان مؤتمرات الوسطية خميرة لمدرسة وسطية كبرى في عالمنا العربي· ويرى الدكتور ابو العلا ماضي وكيل مؤسسي حزب الوسط المصري ان هذا المؤتمر جيد لأنه يطرح قضايا مهمة وينتج طاقات للتعبير عن تيارات مختلفة، وفي رأيي ان فكرة الوسطية تقبل التعددية والتنوّع ومنفتحة على الآخرين، وأن الاوراق التي قدّمت تدور كلها حول هذا المعنى وهذا امر هام جداً، ولبنان نموذج للتعدد والتعددية، واني اهنئ الرئيس ميقاتي وجمعية العزم والسعادة على نجاح هذا المؤتمر بشكل كبير جداً· وأكد محامي الجماعات الاسلامية في مصر منتصر الزيات ان هذا المؤتمر غاية في النجاح موضوعاً ومفكرين ومحاضرين وحضوراً وتنظيماً وهي بفضل الجهود التي يبذلها الرئيس ميقاتي من اجل اعلاء ونشر ثقافة الوسطية بشكل عام، وفي لبنان بشكل خاص، واعتقد انها جهود مباركة ومشكورة تساعد على الاستقرار ونشر ثقافة الاعتدال· ويرى رئيس تحرير مجلة السعودية الدكتور زكي الميلاد ان هذا المؤتمر يعالج واحدة من قضايانا الكبرى والتي من خلالها نستشرف مستقبلياتنا القادمة لكون ان قضية الوسطية تلامس عمق المشكلة الراهنة في مجالنا العربي والاسلامي ومكامن الخلل في واقعنا حاضراً ومستقبلاً، ولكي تسهم في بلورة رؤية جديدة تخرج المجال العربي والاسلامي من مأزقه الراهن وتبلور تصدّراً لمستقبل جديد واعد· وأذكر ان هذا المؤتمر كان موفقاً الى حد كبير في اختياره الموضوع وانتقائه المتحدثين وانه جاء متصلاً مع مؤتمرين سابقين ونحن في حاجة الى ان تستمر هكذا مؤتمرات· وقال الدكتور هايل داوود من الاردن: تبرز اهمية هذا المؤتمر في انه يتحدث في قضية مهمة اليوم وهي وسائل الاعلام وأثرها الكبير في اعادة صياغة العقول ودورها في المشروع النهضوي من خلال اشاعة قيم الوسطية والاعتدال· وان هذه المنهجية التي نؤمن بأنها ستكون، ان شاء الله، المستقبل لإعادة نهضة الامة، وأؤكد ان لهذا المؤتمر دوراً في هذا المجال بنجاحه في موضوعاته وأوراقه المقدمة وحضوره الراقي· وأعرب الاب طوني خضرة رئيس الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة عن سعادته بعقد مثل هذه المؤتمرات، وقال من الضروري جداً ان نرى هكذا مؤتمر في لبنان لا يكون فيه تشنّج وتطرّف وانما يفتش عن نقاط التقاء بين كل اللبنانيين، وانا مسرور جداً لأني شاركت فيه، وادعو وسائل الاعلام لتكون في خدمة الانسان اللبناني· وقالت الدكتور مريم آيت احمد من المغرب: اننا ننوّه بهذه المؤتمرات ونريد منها المزيد فالامة بحاجة الى ثقافة الوسطية والاعتدال، ليست تلك التي تأتينا من موقع الضغوطات الخارجية وانما من موقع الاصلاح الداخلي ووضع منهج للمصالحة مع الذات· وقد تناول المؤتمر محاور نحتاجها اليوم وسيكون له دور فاعل في بناء ثقافة مجتمعية من نوع خاص· وجميل ان يعمّم على كافة مستويات المؤسسات الاجتماعية في لبنان وخارجه· وتؤكد الزميلة الاعلامية مارلين خليفة ان هذا المؤتمر ضروري لإعادة الوعي حول اهمية الوسطية بالاعلام لاننا عندما ننغمس بالعمل الاعلامي احياناً نغرق بالمواقف السياسية والتفاصيل اليومية فكان هذا المؤتمر بمثابة اعادة يقظة للاعلاميين ليعودوا الى اصول المهنة والتعاطي مع المادة الاعلامية· ولقد كان هذا المؤتمر جامعاً وشمولياً بالشخصيات الهامة التي استضافها من لبنان والعالم العربي وبالعمق الذي نوقشت فيه الموضوعات· وأن الاهمية الكبرى عندما تصدر اعماله في كتاب توثيقي سيعتبر مرجعاً مهماً للمكتبة الاعلامية في لبنان

منتدى الوسطية يدعو لوضع ميثاق شرف إعلامي وإنشاء مراكز بحثية متخصصة لنشر ثقافة الوسطية

الثلاثاء, شباط 24 2009 الموافق 28 صفر 1430

منتدى الوسطية يدعو لوضع ميثاق شرف اعلامي وإنشاء مراكز بحثية متخصصة لنشر ثقافة الوسطية

أوصى منتدى الوسطية في لبنان بوضع ميثاق شرف اعلامي بهدف نقل الواقع بكل حرية وأمانة وتجرد وبإنشاء مراكز بحثية متخصصة للدراسات الاعلامية لنشر ثقافة الوسطية.
إختتم منتدى الوسطية أعمال مؤتمره الدولي الثاني بعنوان والذي عقد على مدى يومين في طرابلس برعاية الرئيس نجيب ميقاتي، وأصدر التوصيات الآتية:

– توجيه الشكر إلى منتدى الوسطية في لبنان وإلى راعي المؤتمر دولة الرئيس نجيب ميقاتي على الجهود التي بذلت من أجل انعقاد المؤتمر وإنجاح أعماله، وإعتبار كلمة راعي المؤتمر جزءا لا يتجزأ من التوصيات، لاسيما منها ما يتعلق بضرورة إيلاء هموم الناس الحياتية والإجتماعية والانسانية والتربوية والثقافية والبيئية والصحية، الأهمية التي تستحقها في وسائل الاعلام كافة ، لأن ثقافة الوسطية تفرض مقاربة حاجات الناس بشكل دائم.

– التأكيد على أن مفهوم هو المسار الطبيعي الذي لا بديل عنه لحماية كيان الوطن.

– الطلب إلى وسائل الإعلام عموما إعتبار المسائل المرتبطة ب أولوية ثقافية ينبغي تعميمها من خلال تنظيم ندوات تلفزيونية وصحافية من جانب مجموعة من رجالات الفكر والاعلام وطرح مناقشة فكرة الوسطية.

– تكليف منتدى الوسطية قي لبنان بالتعاون مع المنتديات الأخرى للوسطية في العالم العربي اعداد دليل للمصطلحات الإعلامية المعبرة عن> ثقافة الوسطية> في مواجهة المصطلحات المبتورة التي لا تعكس حقيقة الواقع الوسطي وماهيته .

– دعوة وسائل الإعلام كافة، بما تمثله من دور في المجتمع، إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الفئوية الضيقة والحسابات السياسية الآنية والمذهبية، وتعزيز إعلام المواطنة عبر تسليط الضوء على أهمية المواطنة في المجتمع من دون إغفال القيمة المضافة التي تميز لبنان كأرض لتفاعل الحضارات والثقافات.

– دعوة الوسائل الإعلامية الى إرساء مفهوم الإعلام الذي يهتم بقضايا المجتمع والممارسات الديموقراطية ومفهوم الحرية بكل أبعادها والدفاع عن المصلحة العامة لحماية الرأي العام ورفض تحول وسائل الاعلام إلى مجرد وسيلة تركز فقط على الترفيه والتسويق الاعلامي، أو تنزلق الى التجييش الطائفي والمذهبي الذي يترك مفاعيل سلبية على نهج الإعتدال الذي يشكل سمة الخيارات الوسطية.

– دعوة الأوساط المعنية والمؤسسات الإعلامية إلى صياغة ووضع ميثاق شرف إعلامي مهني منبثق عن منهج الوسطية العقلاني وغير المتطرف يهدف الى نقل الواقع بكل حرية وأمانة وتجرد، وذلك كمحاولة رصينة من أجل إرساء ميثاق شرعة إعلامية وسطية، كرافد ايجابي للثقافة الإعلامية.

– دعوة المؤسسات الوسطية إلى إنشاء مراكز بحثية متخصصة للدراسات الإعلامية تؤمن الإتصال مع كافة وسائل الإعلام وترفدها بكافة المستلزمات الضرورية لنشر ثقافة الوسطية ويكون من ضمن مهمات هذا المركز إنتاج برامج ووثائقيات داعمة لتوجه وتذليل العقبات التي تعيق ذلك.

– إطلاق جائزة صحافية خاصة تمنح سنويا لأفضل الأعمال المكتوبة والمسموعة والمرئية في لبنان والعالم العربي التي تبرز قيم الوسطية وتعمل على ترسيخ فكرها وثقافتها.

– التأكيد على توصيات المؤتمر الاول في جعل هذا الملتقى حدثا سنويا يقام في مدينة الاعتدال في لبنان، طرابلس الفيحاء، ويلتقي فيه المفكرون والباحثون لمناقشة وتعميم ، وتعميقه وتأصيله في نفوس الناس على كافة الأصعدة والمستويات.

الى ذلك صدر في الجريدة الرسمية بيان العلم والخبر الصادر عن وزير الداخلية والبلديات زياد بارود بتاريخ 11 شباط 2009 بتأسيس جمعية بإسم < منتدى الوسطية في لبنان.

منتدى الوسطية اختتم مؤتمره الثاني حول دور وسائل الإعلام في تعزيز ثقافة الوسطية صلاح سلام: نواب الوسط لهم لون لبناني وطعم بلدي ورائحة وطنية

الاثنين, شباط 23 2009 الموافق 27 صفر 1430

طرابلس ــ حسام الحسن: إختتم منتدى الوطية في لبنان امس، أعمال الدولي الثاني للوسطية في لبنان تحت عنوان: ، أعماله لليوم الثاني على التوالي، وذلك في مشاركة الرئيس نجيب ميقاتي وحشد كبير من الشخصيات السياسية ورجال الدين والمفكرين و وممثلي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة والهيئات النقابية والأهلية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والدينية.
وأكدت الكلمات على أن الوسطية هي الرهان المستقبلي والخيار الصائب وهي منهج وتوجه راسخ وثابت لدى الامة، وأشارت الى ان الوسطية الحقيقية تفسح في المجال لإجراء مقاربات لكافة القضايا الخلافية المطروحة. مشددة على أن نواب الوسط سيكون لهم لون لبناني وطعم بلدي ورائحة وطنية.

وكان اليوم الأول من المؤتمر قد شهد جلستين، حملت الأولى عنوان ، ورئستها وزيرة الاعلام الاردنية السابقة ليلى عبدالحميد شرف، وتضمنت 4 أوراق، تقدمتهم ورقة رفيق خوري رئيس تحرير جريدة الانوار الذي تناول فيها ، فقال: ، موضّحا أنّ الإعلام الموضوعي يقوم على الحريّة المثلّثة التي تتضمن حرية التفكير والتعبير والتغيير ، فالتعبير بدون تغيير دوران في الفراغ، وحرية التعبير بدون المعلومات تعني فقدان الجوهر، وعندما يكرر الإعلام نفسه لا يستطيع أن يكون متوازنا>، ومشددا على أنّ الإعلام الجيد هو الإعلام الذي يفتح الملفات حتى النهاية.

ثمّ تناول الأستاذ في الجامعة اللبنانية الدكتور ساسين عساف موضوع معتبرا أنّ الثقافة اصطلاحا عبارة عن ، شارحا العلاقة بين الإعلام وأنظمة الحكم، ولافتا إلى انّ العلاقة في الحكم الأوتوقراطي هي علاقة احتكار، في حين أنها في النظام الديمقراطي علاقة انفتاح تقوم على حرية مقيدة بقوانين وأنظمة مرعية الإجراء يحددها دستور الدولة الضامن للحريات العامة ومنها حرية التعبير. ومحذّرا من أنّ الحريةّ الإعلامية في الأنظمة الديمقراطية قد تستغل في بعض الأحيان لتكون غلافا لما يناقض جوهرها ووظيفتها التغييرية عبر تحكّم رأس المال بها، أو عبر تحكّم الإعلان بها. وموضّحا أنّ الإعلام الباحث عن زبائن سواء أكان إعلاما تجاريا يتوخى الربح المادي أو إعلاما سياسيا يتوخى الكسب الشعبي، هو إعلام فاشل ، داعيا إلى ضرورة خلق البيئة القانونية والثقافية المساعدة كي يتمكن الإعلام من لعب دوره في ثقافة التغيير.

وتطرّق رمزي النجار في ورقته لـ ، معتبرا أنّ الوسطية المتحررة من قيود المصطلح الظالم تعاني من القاء التهم عليها جزافا مثل كل المدارس السياسية الأخرى دون استثناء، لكن ما يميز الهجوم على الوسطية حصرا الانطباع المعمم والمسطّح الذي تجنح اليه بعض العقول من باب السهولة وما يعرف بـ>عداوة ما نجهل>. مضيفا أنّ الوسطية في طرفي اليسار واليمين هي الخلاصة، فاذا بلغ الاصطفاف لدينا اليوم مداه الأقصى بين 8 و14 آذار، فالوسطية أيضا وأيضا هي الخلاصة. ثم ضرب النجار عددا من الأمثلة عن الثوابت المنطقية والدلائل التاريخية القديمة والمعاصرة عن الوسطية، مشيرا إلى انّ الوسطية ليست مبتدعة وانما راسخة منذ بدء نضج العقل البشري أمثلة من التاريخ السياسي الحديث عن الوسطية، واختتم بالقول انّ الوسطية، المستقلون أو الأكثرية الصامتة كلها مرادفات لمفهوم واحد مقتبسا كلاما للرئيس الأمريكي الراحل أيزنهاور يفيد فيه منذ أكثر من 60 عاما أنّ وسط الطريق يعني المساحة السليمة للسير وللاستعمال، بينما طرفي الطريق الأيمن والأيسر يشكلان حدود الانزالاق والتهوّر.

وانهى فايز السنكري صاحب جريدة التمدن هذه الجلسة بالحديث عن مشيرا إلى انّه وعلى الرغم من التداعي الكبير الذي أصاب هيكل الدولة في مراحل حرجة عديدة، الاّ أنّ الإعلام الوسطي استطاع أن يبقى، ولم يسقط في فخ اثارة الغرائز وبقي عصيا عن التطويع وكان عليه أن يلعب دورا رياديا وقياديا على مستوى لبنان والوطن العربي، مستخدما المساحة المتاحة له وان ضاقت. وأضاف> عندما تغيب كافة السلطات الأخرى، تبرز أهمية الإعلام وسلطته وهنا تكون مسؤوليته أكبر. وبخلاف ما يعتقد الكثيرون، فانّ مسؤولية الإعلام المكتوب أكبر من أي إعلام آخر….وأنّ الوسطية لا تعني أبدا عدم الانحياز إلى الحق أخلاقيا وإنسانيا تجاوبا مع حريات الناس وتطلعاتهم وآمالهم، والوسطية لا تعني أيضا تنازلا أو خضوعا أو خنوعا، ومسؤوليتها الحفاظ على السلم الاجتماعي ورفع الظلم والدفاع ضد العدوان والتوعية من المخاطر>، داعيا إلى ضرورة النظر إلى الأمور برؤية أبعد من حماسة قد تكون انتحارية أو تهوّرية.

أمّا الجلسة الثانية، فقد حملت عنوان ، ورئسها صلاح سلام رئيس تحرير جريدة اللواء الذي مهد لمداخلته بالقول: أود أولاً أن أهنئ الرئيس نجيب ميقاتي على مبادرته السباقة في تبني فكرة إطلاق ثقافة الوسطية في لبنان في مرحلة كاد يغيب فيها كل ما له علاقة بالفكر الوسطي في السياسة اللبنانية. ويبدو أن لدولته دوراً بارزاً في اقتراح كتلة الوسط التي كثر السجال حولها مؤخراً، والتي ستثبت الانتخابات النيابية المقبلة أن نواب الوسط لهم لون لبناني وطعم بلدي ورائحة وطنية.

ثم ألقى الزميل سلام كلمته بعنوان: المفاهيم والدلالات المعززة لثقافة الوسطية وجاء فيها الآتي:

يسعدني ويشرّفني أن أكون مع هذه النخبة اللامعة من العلماء، نبحث ونناقش في دور وسائل الإعلام في تعزيز ثقافة الوسطية، هذه الثقافة التي عادت تأخذ مكانها في الفكر الإنساني الحديث بعدما غيّبتها ردحاً من الزمن، الأيديولوجيات الشمولية والمتطرّفة وممارسات الرأسمالية الجشعة، حيث طغت ثقافة التطرّف على قاعدة ، و، دون أي التزام للحد الأدنى من مستلزمات المنطق، أو حكمة تدبير الأمور.

الواقع أن الفكر الوسطي ليس ظاهرة جديدة في الثقافة الإنسانية. فالإسلام بشّرنا بالثقافة الوسطية قبل ألف وخمسماية عام، عندما وصف القرآن الكريم أمّة المسلمين بالأمّة ، كما ورد في قوله تعالى في سورة البقرة (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) الآية 143.

واعتبر بعض العلماء أن هو بمثابة القمة، أي المكان العالي، فإن الواقف فيه يطل على الطرفين المحيطين به، كمن يقف على قمة جبل ويستطيع أن يطل على جانبي الجبل يشاهد من تحته، ويشاهدونه أيضاً في الوقت نفسه. أي أن فكر الوسط قادر على التعايش والتفاعل مع ما يحيط به من تنوع ثقافي وديني وحضاري بيسر وإيجابية لا تتوافر عند أهل التطرّف في طروحاتهم ولا عند أهل التعصّب في ممارساتهم.

من هنا نستدل على المفهوم الأول للثقافة الوسطية: الاعتراف بالآخر، القبول به والتعايش معه

ومن هذا المفهوم الأساسي نستطيع أن ننطلق في رحاب الوسطية في أجواء مريحة من الاعتدال الذي يجب أن يحيط بكل أفكارنا وبكل تصرّفاتنا، بعيداً عن الغلوّ والتطرّف، وبمنأى عن الانغلاق والتقوقع.

فالاعتدال هو المفهوم الثاني للثقافة الوسطية، يحمي الفرد والمجتمع والأمة من الوقوع في غلواء الجهل والغرور والتطرّف، ويشجّع الانفتاح على الحضارات الإنسانية والأخذ منها بما يفيد مجتمعاتنا ويعزز تجاربنا، بكل ما يعني ذلك من فتح الأبواب أمام الأمة للخروج من عزلتها، ومغادرة بؤر الجهل والتخلّف، والمشاركة بفعالية في مسيرة الحضارة الإنسانية.

كلمة في لغة العرب تطلق أيضاً على ، كما يقول علماء اللغة. والخيار هو نتيجة الاقتناع، والاقتناع ينتج عنه .

الوسطية إذن، وهذا المفهوم الثالث، ليست حالة متذبذبة أو مترددة بين موقف وآخر، أو بين حالة وأخرى، أو بين قرار وآخر، ولا هي حالة رمادية بين الأبيض والأسود، وواهمٌ من يعتقد أن لا طعم لها ولا رائحة ولا لون، لأن الوسطية هي خيار معتدل وموضوعي، واضح وصريح بين خيارات إما تميل الى المغامرة والتهور والتشدد، أو أخرى تجنح الى الجمود والتقوقع، وما هو على قياس الحالتين في التطرّف يميناً ويساراً، فكراً وممارسة.

والاتجاه الى خيار الوسطية غالباً ما يتم بعد اليأس من الرهان على الخيارات الأخرى، التي تكون استنفدت محاولاتها، وفشلت في تحقيق أهدافها وأحبطت آمال جماهيرها.

والوسطية بما تعني خياراً وموقفاً وقراراً أبعد ما تكون عن المساومة والمفاوضة في قضايا العدل والخير والحق، بمعنى الوقوف في نقطة الوسط بين الخير والشر، وبين الحق والباطل وبين العدل والظلم، لأن الوسطية، وهذا المفهوم الرابع، بما تحمل من قيم كرّسها الخطاب القرآني كما أسلفنا في بداية كلمتنا، تقف دائماً الى جانب الحق والعدل والخير ضد الشر والظلم والباطل.

أن نقول نحن أمة وسط يعني نحن من أهل التسامح والتعفف عن الحقد والتعصّب، وننبذ غريزة الثأر والانتقام. والتسامح، وهو الخامس في المفاهيم المعزّزة لثقافة الوسطية، يعني العفو عن الإساءة، والارتفاع فوق مستوى الجراح والآلام الشخصية أو الفئوية، لمصلحة المجتمع والأمة والوطن. والتسامح ليس ضعفاً بقدر ما هو رقيٌّ يسمو فوق الغضب ويرتفع فوق مشاعر الكراهية والانتقام، ولا هو تراجعٌ بقدر ما هو إقدامٌ على إستيعاب الإشكال قبل أن يتحوّل الى مشكلة تتدحرج مثل كرة الثلج لتصبح أزمة مستعصية.

أما الدلالات المعززة لثقافة الوسطية فحديثها يطول ويتشعّب.. ونختصره بالاجتهاد الذي أورده سماحة مفتي جمهورية مصر العربية العلاّمة الشيخ علي جمعة في حديثه عن ملامح الوسطية في القرآن الكريم والتي اختصرها بأربعة حسب مقاله المنشور في جريدة يوم 23 شباط عام 2007، والذي جاء فيه:

ملامح الوسطية في القرآن باعتبارها تكليفاً تتمثّل في:

1- العلم وأساسه الآيات: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) [سورة العلق/ الآية الأولى]، (وقل ربِّ زدني علماً) [سورة طه، الآية 114]، (نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم) [سورة يوسف الآية 76]، (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون..) [سورة الزمر، الآية 9].

2- العمل وأساسه الآيات: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون، وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) (سورة التوبة، الآية 105]، (والله لا يضيع أجر من أحسن عملا) [سورة الكهف، الآية 30]، الى ما لا حصر له من الآيات. 3- الاتحاد وأساسه الآيات: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم…) [سورة الانفال، الآية 46].

– (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا..) [سورة آل عمران، الآية 103].

– (ان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) [سورة الانبياء، الآية 92].

4- التعارف وأساسه الآيات: (يا أيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، ان اكرمكم عندالله أتقاكم، إن الله عليم خبير) [سورة الحجرات، الآية 13].

ثم يستعرض المفتي علي جمعة خطاب سيدنا علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، الى مالك بن الاشتر حينما أمره بالذهاب الى مصر لولايتها، ويأخذ منه ملامح هذا التكليف الذي يرقى الى مرتبة الوسطية، ولا مجال للخوض في تفاصيل ذلك في هذه العجالة.

ولكن لا بد من الاشارة الى اهمية العمل على توفير البيئة المناسبة لتعزيز الوسطية وتعميمها، وذلك من خلال تحسين أوضاع البيئة الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تنمو فيها بؤر التطرّف وتجد فيها تيارات العنف والغلو والتعصّب الأرض الخصبة لنشر أفكارها، مستغلّة واقع الجهل والتخلّف الذي يهيمن على أحوال تلك المناطق.

وليس من السهل التمكّن من نشر ثقافة الوسطية وتعزيز مفاهيمها في بيئة تفتقد الى الانماء الاجتماعي والاقتصادي، والتربوي والثقافي، وكلنا يدرك مدى تأثير عوامل البيئة المتخلّفة انمائياً وثقافياً على ظهور تيارات العنف والتطرّف، ونشر الافكار الظلامية الهدامة، في اكثر من منطقة من العالمين العربي والاسلامي.

أيها الأخوة،

لقد أكرم الله هذه الأمة بأن جعل موطنها في منطقة الوسط جغرافياً بين الشرق والغرب، فأتيح لها أن تجمع بين روحانية الشرق ورومانسيته، ومادية الغرب وواقعيته، وكانت على مر العصور جسراً للحوار والتواصل بين الأديان والحضارات.

فهل نحن قادرون على التمسّك بمبادئ الوسطية وما تعنيه من انفتاح واعتدال، وحوار وتسامح واعتراف وقبول بالآخر، سبيلاً وحيداً متاحاً للخروج من أزماتنا ..؟

عبد الحفيظ

امّا هايل عبدالحفيظ،استاذ كلية الشريعة في الأردن فقد تحدّث عن ، معتبر انّ الإعلام يلعب دورا حيويا في صياغة العقول والرأي العام والتحولات السياسية والاجتماعية خاصة بعد انتشار الفضائيات والانترنت، علما انّ الإعلام يستخدم في الدعوة الإسلامية وهذا ما يجعل الأمة الإسلامية أمّة إعلامية في أصلها. كما ودعا هايل إلى أن يكون الإعلام مسؤولا وملتزما ومعبرا عن ثقافة وقيم الأمة والحضارة الإسلامية، وإلى ترسيخ المفاهيم الصحيحة للإسلام وتخليصه من الأوهام وتدعيم الثقافة الإسلامية والالتزام بالضوابط الشعرية كالدقة في نقل المعلومات والتثبت منها وضرورة استخدام الكلمة الطيبة وان يتّصف الإعلام بالإنصاف وعدم التحيّز والتوازن.

واختتم عبدالحميد الأنصاري استاذ في كلية القانون في قطر الجلسة بورقة حول معتبرا انّنا نواجه تحدّ خارجي متمثل بالعدو الصهيوني وتحد داخلي متمثّل بالتخلف، وداعيا إلى ضرورة التمييز بين الوسطية كفكر ومبدأ وقيمة من جهة، وبين ممارسات وسلوك وخطاب يروّج له بالساحة على أنه خطاب وسطي، مطالبا بالحاجة إلى تفعيل ثقافة الاعتدال والتسامح عبر إجراءات عملية، ومؤكدا على أنّ الوسطية هي الرهان المستقبلي والخيار الصائب الذي لا بد من دعمه عبر منهجية وآلية وخطط تعمل على تفعيله عمليا وتحكم الإطار الديني.

وتضمن اليوم الثاني من المؤتمر جلستين، حملت الأولى عنوان ، ورئسها مروان فاعوري المنسق العام للمنتدى العالمي للوسطية ورئيس منتدى الوسطية للفكر والثقافة، وألقيت فيها خمس أوراق، تقدمتهم ورقة محمد طلابي تحت عنوان: ، أكّد من خلالها أنّ الوسطية ستبقى سؤالا وستستمر، لكننا نريدها أن تكون أسلب حياة، لافتا الى أنّ منهج الوسطية كطريقة من طرائق التفكير تعمل على تحديد مفاهيم التركيب، الزوجية، المفدار.

فالوسطية منهج ثابت في عقيدة المسلمين منذ البدء ولاشيء بعدها ، مؤكدا على انّ الاسلام وحده دون سائر الأديان القادر على المزج بين الشريعة والحداثة والعقيدة، أي بين الديني والدنيوي، وهذا هو الوسط في حد ذاته وعينه.

ثم القى أبو العلا ماضي ورقته عن مشيرا الى انّ الاسلام واحد لكنه لا يدخل على البشر بشكل مجرد وانما يحصل تفاعل مع البيئة والعادات والقيم ينتج عنه وجود مسلمين متعددين بناءا على الفهم الخاص، مؤكدا انّ الوسطية ليست أمرا طارئا في حد ذاته وانما مفهوما راسخا، تنعكس في أشكال عديدة لا يمكن احتكارها أو حصرها من قبل أشخاص أو مجموعة أو حتى حزب، شارحا دور العلماء والمفكرين المعاصرين في تطوير الخطاب السياسي لفكر الوسطية، ومتطرقا الى حزب الوسط في مصر كحالة عملية عن تطوير الخطاب السياسي لفكر الوسطية.

ثم تناول جاسم سلطان في ورقته متحدثا عن تحديات النهضة المعاصر، داعيا الى استعادة الثقة بالقدرة الذاتية وتحرير الابداع، والقضاء على الأفكار الانقسامية من جذورها، لافتا الى انّ مضمون الخطاب النهضوي يرتكز على تقدير التراث لا تقديسه والتصدي للأفكار القاتلة وبعث الأمل في تحرير الامكانات، وبث مشروع النهضة في الأجيال الشابة لكي تصبح هي منبع التحولات التي نريدها ونسعى اليها، مؤكدا أنّ مشروع النهضة والوسطية لن يظل في فضائه النظري وهو انتقل فعليا الى المجال العملي، وهذا ما نحتاجه في المرحلة المقبلة لتوسيع نطاق المشاريع التي هي من صلب المشروع الأم .

وتحدثّ عمرو الشوبكي في ورقته عن مؤكدا أنّه ليس مع فكرة تدريب وتخريج مجموعة من الشباب في المجال الاعلامي يمثّلون الوسطية على اعتبار انّه من قواعد الاعلام عدم الاختزال لأن ذلك يحجّم من رسالة الوسطية ويعطيها صبغة محدودة، في حين أن تكون الوسطية مرجعية نستمد من خلالها القوة والمصداقية، وتكون التجربة محكومة على ادائنا وليس على فكر الوسطية، منوّها بالخبرة التركية ودور منظمات المجتمع المدني هناك وبعض رجال الدين والعلماء والأحزاب السياسية ذات التوجه الوسطي.

واختتمت الجلسة بورقة لـ سعدالدين عثماني، تناول فيها ، معرّفا الوسطية على أنها ليست مذهبا او طائفة، فهي منهج وتوجه راسخ وثابت لدى الأمة، مشيرا الى أنّ من سمات الوسطية الاعتراف بالآخر والاعتدال والاستفادة من الغير والتفاعل المستمر والحوار المفتوح مع الحضارات والثقافات والديانات المختلفة، ومتحدثا عن 3 تحولات أساسية عالمية أهمها بروز مجتمعات المعرفة على اعتبار أنّ من يمتلك المعرفة يمتلك القوّة، وتزايد صراع الهيمنة على مختلف الأصعدة، وبروز الأزمة النقدية والاقتصادية الأخيرة.

أمّا الجلسة الرابعة والأخيرة من المؤتمر فقد حملت عنوان ورئسها طلال سلمان، وألقيت فيها خمس أوراق، تقدّمتهم ورقة الأب طوني خضرة، تحت عنوان ، معتبرا أنّ الوسطية بمفهومه هي التوسط لايجاد مساحة من الحوار وليس للتقريب بين الحق والباطل، فالوسطية ليست التقاءا بين طرفين متطرفين. كما تطرق الى العلاقة بين المفهوم الصحيح للسياسة والمفهوم الصحيح للدين معتبرا أنّ العلاقة بينهما هي علاقة تكاملية لخدمة الناس، داعيا الى ايجاد التيار الوسطي في لبنان الهادف الى ايجاد مساحة من الحوار، ومختتما بالتذكير بقول الرسول لوقا معتبرا انّ هذا هو مفهوم الوسطية.

وتحدثت مارلين خليفة فيما بعد عن ، مشيرة الى أنّ دور الوسطية في الاعلام يرتكز على تظهير المواقف كلها على تناقضها وتنافرها، واتخاذ القرار المناسب منها ولكن من دون تحريض. فالوسطية في الاعلام خيار ونهج وسلوك يبتعد عن التحريض ويحلل لاأمور بهدوء وروية ورصانة. والوسطية لا يمكنها ان تجمع بين الحق والباطل، لافتتا الى انّ المسهد اللبناني الاعلامي يعاني من غياب ا لوسطية والتطرف في معالجة الحوادث وهو أمر لا يقتصر على الاعلام المرئي وانما المكتوب والمسموع وان بشكل أقل، داعية الى اعتماد 4 نقاط أساسية لتعزيز مهمة الاعلام المسؤول وتتمثل بـ .

ثم تحدّثت مريم آية أحمد وعلي في ورقتها عن كيفية تطبيق الوسطية في وقت تسود فيه ثقافة الأبيض والأسود، الهوية واللاهوية، والظلم والعدل، والظالم والمظلوم، معتبرة أنّ من أخطر الأسلحة الفتاكة المستخدمة حاليا برمجة الوعي الذاتي للفرد من قبل الآخرين بشكل يؤدي الى فقدان البوصلة ال وسطية الفكرية، داعية الى ضرورة الأخذ بآليات وسبل بناء الثقافة الوسطية، واعادة بناء موقع الوسطية بناءا حقيقيا عمليا وتفاعليا بحيث تحدث منعطفا حقيقيا في واقع المسلمين، وان نركّز على ما نريد أن نكون عليه ونصير اليه>.

مالك والقى مقبل ملك في ختام المؤتمر ورقة عادل مالك التي حملت عنوان مشيرا الى ان الوسطية ليست تهمة انما صفة تشير الى الرحابة في النظر الى الامور من زاوية عريضة وليس من الزاوية الضيقة، لافتا الى انّ الوسطية الحقيقية تفسح في المجال لاجراء مقاربات لكافة القضايا الخلافية المطروحة.

امّا عبدالحليم عويس ، رئيس تحرير جريدة التبيان المصرية فقد تناول لافتا إلى انّ المنهزم واليائس لا يمكن أنه يصنع حضارة أو وسطية، مركزا على أهمية التيارات الشعبية ضاربا المثال بالشعب التركي الذي أوصل أردوغان وغول عبر فعل شعبي استطاع أن يوظّف المساحة القليلة جدا المتاحة له من الحرية في أن يخلق بدائل ووسائل لتحدث التغيير المطلوب. ثم تحدّث عن مهمات التوظيف والتأثير الإعلامي ومنها تشكيل الوعي والتنشئة الاجتماعية والتبليغ والاتصال الإنساني، ومستعرضا العلاقة بين الإعلام العام والإعلام الإسلامي ليصل إلى خلاصة تؤكّد مدى الاتفاق بين الإعلاميين فيما يتصل بالموضوعية والعلمية وأسس الإعلام ومفاهيمه، ومختتما بالقول انّ خصيصة المنهج الإسلامي والإعلام الإسلامي هي خصيصة الوسطية التي تشكّل الطريق الواضح الفطري المنقذ لحضارة الإنسان.

ثم ناقش زكي الميلاد رئيس تحرير مجلة الكلمة السعودية موضع وذلك من خلال الاشارة إلى انّ تجدد مفهوم الوسطية مرتبط بثلاث مسائل متّصلة في الاطار الإسلامي المعاصر. الأولى تتعلق بتطور الخطاب المعاصر داخل التيار الإسلامي حول مفهوم الوسطية، حيث أخذ الحديث عن هذا المفهوم يتسارع دافعا مختلف الأوساط الفكرية والسياسية إلى التدافع اليه والتسابق عليه لمحاولة تمثيله والتعبير عنه والتعريف عن أنفسهم من خلاله. امّا المسألة الثانية، فتتعلق في التطور الحاصل في مفهوم النظر إلى الوسطية من خلال التخاطب مع الذات بعد أن كان ذلك ينحصر في اطار النظر والتخاطب مع الآخر. امّا المسألة الثالثة فتتعلق بفحص مفهوم الوسطية لتحديده وكشف أبعاده وتبيان معالمه وازالة ما يشوبه من ضبابية وغموض وذلك نظرا للتدافع والانتساب إلى هذا المفهوم من قبل جهات متعددة وهو ما يفرض ضرورة إخضاعه للفحص كي لا يصبح مجالا للادّعاء من قبل الغير.

ثم عالج محمد الخطيب مساعد عميد كلية الشريعة في الأردن موضوع مجملا اياها بـ10 معوقات رئيسية لا يمكن العمل على نشر الوسطية دون اجتيازها ومنها أزمة الهوية واختلال القيم والمعايير في العديد من وسائل الإعلام التي عملت على طمس الهوية وهدم القيم في كثير مما تبث، ومنها غياب أجندة مدروسة موحدة لوسائل الإعلام واتجاهها لتكون مجرد تابع للإعلام الغربي، ومنها ظاهرة النفاق عند بعض وسائل الإعلام العربية التي اصبحت بوقا للأنظمة أو الأشخاص بشكل يجعلها غير قادرة على القيام بالمهام الموكلة اليها. ثم تابع الحديث عن المعوقات وشملت التباس الفهم في مفهوم الوسطية، والافتقار إلى النمو ذج القدوة في الإعلام، والحرب النفسية ضد العرب والمسلمين، وربط الفكر المنحرف بكبار المفكرين، وعدم افساح المجال للرأي الآخر، والإغراق في مواجهة التطرف بتطرف آخر، والهم التجاري والكسب المالي على حساب المبادئ والقيم.

موقع الإعلام في فكر الوسطية ودوره في ترسيخها

تاريخ العدد 23/02/2009 العدد 11228

المؤتمر الدولي الثاني للوسطية ينهي أعماله:

موقع الإعلام في فكر الوسطية ودوره في ترسيخها

طرابلس ـ «السفير»
استكملت أعمال المؤتمر الدولي الثاني للوسطية تحت عنوان: «دور وسائل الإعلام في تعزيز ثقافة الوسطية» الذي نظمه منتدى الوسطية في لبنان، برعاية الرئيس نجيب ميقاتي، وحضور حشد من الفاعليات السياسية، ورجال الدين، والمفكرين، وممثلي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، والهيئات النقابية والأهلية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والدينية.
وترأست الجلسة الاولى التي عقدت تحت عنوان: «موقع الإعلام في فكر الوسطية»، وزيرة الإعلام الأردنية السابقة ليلى عبد الحميد شرف، وتناول فيها رئيس تحرير جريدة «الأنوار» رفيق خوري الموضوعية وشخصنة الإعلام، فأشار الى انه لا يمكن الحديث عن موضوعية في ظل الأنظمة الشمولية. وأكد أن الإعلام الموضوعي يقوم على الحريّة المثلّثة التي تتضمن حرية التفكير والتعبير والتغيير.

ثمّ تحدث المحاضر في الجامعة اللبنانية الدكتور ساسين عساف عن الإعلام وثقافة التغيير، معتبرا أن الثقافة اصطلاحا هي عبارة عن أنظمة معارف ومناهج تفكير ومنظومات قيم وأنماط سلوك.
وتناول الدكتور رمزي النجار سؤال: «من هو جمهور الوسطية، وما هي احتياجاته الفكرية؟» معتبرا أن الوسطية المتحررة من قيود المصطلح الظالم تعاني إلقاء التهم عليها جزافا مثل كل المدارس السياسية الأخرى من دون استثناء.
وتحدث صاحب جريدة «التمدن» فايز سنكري عن دور الإعلام كسلطة رابعة في تعزيز ثقافة الوسطية، مشيرا إلى انه على الرغم من التداعي الكبير الذي أصاب هيكل الدولة في مراحل حرجة عديدة، إلا أن الإعلام الوسطي استطاع أن يبقى، ولم يسقط في فخ إثارة الغرائز.
ثقافة الوسطية
وحملت الجلسة الثانية عنوان «المفاهيم والدلالات المعززة لثقافة الوسطية»، وترأسها رئيس تحرير جريدة «اللواء» صلاح سلام الذي رأى أن الوسطية ليست ظاهرة جديدة في الثقافة الإنسانية و«ان الإسلام بشرنا بها عندما وصف القرآن الكريم أمة المسلمين بالأمة الوسط».
ثم تحدث رئيس تحرير جريدة «التبيان» المصرية عبد الحليم عويس، عن الأسس والمفاهيم الإعلامية المعززة لثقافة الوسطية، لافتا إلى أنّ المنهزم واليائس لا يمكن أن يصنع حضارة أو وسطية.
وناقش رئيس تحرير مجلة «الكلمة» السعودية زكي الميلاد تجدد مفهوم الوسطية في الخطاب الإسلامي المعاصر، وأشار الى أن تجدد مفهوم الوسطية مرتبط بعدة مسائل متصلة في الإطار الإسلامي المعاصر.
وتناول مساعد عميد كلية الشريعة في الأردن الدكتور محمد الخطيب العوامل الإعلامية المعيقة في تعزيز ثقافة الوسطية. وتلاه أستاذ كلية الشريعة في الأردن الدكتور هايل عبد الحفيظ الذي تحدّث عن العوامل الإعلامية المساعدة في تعزيز ثقافة الوسطية. كما تحدث المحاضر في كلية القانون في جامعة قطر الدكتور عبد الحميد الأنصاري عن الخطاب الإعلامي للوسطية.
وسطية الإعلام
وترأس ناشر «السفير» طلال سلمان الجلسة الختامية التي حملت عنوان: «كيف يكون الإعلام وسطيا» وقدم مداخلة انتقد فيها الفكرة السائدة بأن الإعلام وسيلة اشتباك، ومتسبب بالفرقة وبالحرب الأهلية، التي تسقط التهم عن القيادات والمحرضين والمدبرين، مشددا على أهمية الموضوعية في وسائل الإعلام. ورأى أن الرأي العام هو الحكم الأساسي لجهة معاقبة الصحف أو المطبوعات غير الموضوعية بمقاطعتها والتوقف عن شرائها. وقال: «إن الوسطية جعلت من طرابلس درة للشرق، ومن دون أن تعني الوسطية تخليها لا عن هويتها الوطنية، ولا عن دورها القومي العظيم ولا عن شارعها الذي كان بالنسبة لنا احد مصادر تأجيج الوعي».
ورأى الأب انطوان خضرا ان الوسطية هي التوسط بين اللبنانيين من أجل تحقيق الخير، لا من أجل تقريب الخير الى الشر، مؤكدا «اننا نكون وسطيين عندما نكون ساحة حوار للآخرين وساحة صلح ومحبة وسلام».
وشددت الزميلة مارلين خليفة على ضرورة ان يعي الإعلاميون مسؤوليتهم خلال تغطيتهم التطرف السياسي وعدم الانغماس فيه كمؤسسات وأفراد، وان يدركوا أن مهمتهم الرئيسية في بلد تتعدد طوائفه هو تعزيز حس المواطنية. كما شددت على أهمية الأخلاقيات الإعلامية وضرورة تعزيزها في الدراسة وفي الممارسة اليومية.
ولفتت مريم أيات علي (المملكة المغربية) الى أهمية الثقافة الوطنية وتعزيز الحوار، ودعت

الى تأصيل منهج القواسم المشتركة. ثم تلا الزميل مقبل ملك رسالة من الزميل عادل مالك الذي اعتذر عن عدم الحضور بسبب وعكة صحية ألمّت به.
وفي الختام تلا الدكتور وسيم قلعجية مسودة لتوصيات المؤتمر سيصار الى دراستها من المشاركين تمهيداً لإعلانها بصيغتها النهائية في وقت لاحق، كما قدم الدكتور عبد الإله ميقاتي دروعا باسم المنتدى للمشاركين

“المؤتمر الدولي للوسطية في لبنان” في يومه الثاني: الرهان المستقبلي لتفعيل ثقافة الاعتدال والتسامح المستقبل – الاحد 22 شباط 2009 – العدد 3227 –

طرابلس ـ “المستقبل”

واصل المؤتمر الدولي للوسطية في لبنان تحت عنوان: “دور وسائل الإعلام في تعزيز ثقافة الوسطية”، أعماله في فندق كواليتى ان، بمشاركة الرئيس نجيب ميقاتي وحشد من الشخصيات السياسية ورجال الدين والمفكرين و وممثلي وسائل الإعلام والهيئات النقابية والأهلية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والدينية.
موقع الإعلام في فكر الوسطية
وكان اليوم الأول من المؤتمر قد شهد جلستين بعد الافتتاح، حملت الأولى عنوان “موقع الإعلام في فكر الوسطية”،رأستها وزيرة الاعلام الاردنية السابقة ليلى عبدالحميد شرف، وتضمنت 4 أوراق، تقدمتهم ورقة رفيق خوري رئيس تحرير جريدة الانوار الذي تناول فيها “الموضوعية وشخصنة الإعلام”، فقال: “لا يمكن الحديث عن موضوعية في ظل الأنظمة الشمولية، على عكس الأنظمة الديموقراطية التي يمكن الحديث فيها عن نوع من الموضوعية الإعلامية..فالإعلاميون جزء من حيوية المجتمع، واذا فقد الأخير حيويته، فهذا معناه أنّ الإعلام سيعاني ضيق أفق. فالإعلام رسالة معرفة لا عرفان، وكما يوصف فهو أول مسودة للتاريخ، ومن المعروف انّ المسودات تخضع لتصحيح، وهذا ما يدفعنا إلى القول بضرورة أن لا يخجل الإعلام أو الصحف من التصحيح”، موضّحا أنّ الإعلام الموضوعي يقوم على الحريّة المثلّثة التي تتضمن حرية التفكير والتعبير والتغيير ، فالتعبير من دون تغيير دوران في الفراغ، وحرية التعبير من دون المعلومات تعني فقدان الجوهر، وعندما يكرر الإعلام نفسه لا يستطيع أن يكون متوازنا”.

ثمّ تناول الأستاذ في الجامعة اللبنانية ساسين عساف موضوع “الإعلام وثقافة التغيير” معتبرا أنّ الثقافة اصطلاحا عبارة عن “أنظمة معارف ومناهج تفكير ومنظومات قيم وأنماط سلوك، وانّ الثقافة السياسية قوامها الوعي في مستوى التفكير والإصابة في مستوى التقرير والنزاهة في مستوى التدبير”، شارحا العلاقة بين الإعلام وأنظمة الحكم، ولافتا إلى انّ العلاقة في الحكم الأوتوقراطي هي علاقة احتكار، في حين أنها في النظام الديموقراطي علاقة انفتاح تقوم على حرية مقيدة بقوانين وأنظمة مرعية الإجراء يحددها دستور الدولة الضامن للحريات العامة ومنها حرية التعبير. ومحذّرا من أنّ الحريةّ الإعلامية في الأنظمة الديموقراطية قد تستغل في بعض الأحيان لتكون غلافا لما يناقض جوهرها ووظيفتها التغييرية عبر تحكّم رأس المال بها، أو عبر تحكّم الإعلان بها.
وتطرّق رمزي النجار في ورقته الى “من هو جمهور الوسطية، وما هي احتياجاته الفكرية”، معتبرا أنّ الوسطية المتحررة من قيود المصطلح الظالم تعاني من القاء التهم عليها جزافا مثل كل المدارس السياسية الأخرى دون استثناء، لكن ما يميز الهجوم على الوسطية حصرا الانطباع المعمم والمسطّح الذي تجنح اليه بعض العقول من باب السهولة وما يعرف بـ”عداوة ما نجهل”. مضيفا أنّ الوسطية في طرفي اليسار واليمين هي الخلاصة، فاذا بلغ الاصطفاف لدينا اليوم مداه الأقصى بين 8 و14 آذار، فالوسطية أيضا وأيضا هي الخلاصة.
وانهى فايز السنكري صاحب جريدة التمدن الجلسة بالحديث عن “دور الإعلام كسلطة رابعة في تعزيز ثقافة الوسطية” مشيرا إلى انّه وعلى الرغم من التداعي الكبير الذي أصاب هيكل الدولة في مراحل حرجة عديدة، الاّ أنّ الإعلام الوسطي استطاع أن يبقى، ولم يسقط في فخ اثارة الغرائز وبقي عصيا على التطويع وكان عليه أن يلعب دورا رياديا وقياديا على مستوى لبنان والوطن العربي.
ثقافة الوسطية
أمّا الجلسة الثانية، فقد حملت عنوان “المفاهيم والدلالات المعززة لثقافة الوسطية”، ورأسها صلاح سلام رئيس تحرير جريدة اللواء الذي تطرق إلى الفكر الوسطي مؤكدا أنه ليس ظاهرة جديدة في الثقافة الإنسانية وانّ الإسلام بشّرنا به قبل 1500 عام عندما وصف القرآن الكريم أمّة المسلمين بالأمة “الوسط”. ومشيرا إلى انّ فكر الوسط قادر على التعايش والتفاعل مع ما يحيطه من تنوع ثقافي وديني وحضاري بيسر وايجابية لا تتوافر عند أهل التطرف في طروحاتهم ولا عند أهل التعصب في ممارساتهم، ومعتبرا انّ الثقافة الوسطية تقوم على 3 مفاهيم، الاول هو الاعتراف بالآخر والقبول به والتعايش معه، والثاني هو الاعتدال، والثالث هو عدم التذبذب أو التردد بين موقف وآخر، فهي دائما إلى جانب الحق والعدل والخير ضد الشر والباطل والظلم.
امّا عبدالحليم عويس ، رئيس تحرير جريدة التبيان المصرية فقد تناول “الأسس والمفاهيم الإعلامية المعززة لثقافة الوسطية” لافتا إلى انّ المنهزم واليائس لا يمكن أنه يصنع حضارة أو وسطية، مركزا على أهمية التيارات الشعبية. ثم تحدّث عن مهمات التوظيف والتأثير الإعلامي ومنها تشكيل الوعي والتنشئة الاجتماعية والتبليغ والاتصال الإنساني.
ثم ناقش زكي الميلاد رئيس تحرير مجلة الكلمة السعودية موضوع “تجدد مفهوم الوسطية في الخطاب الإسلامي المعاصر” وذلك من خلال الاشارة إلى انّ تجدد مفهوم الوسطية مرتبط بثلاث مسائل متّصلة في الاطار الإسلامي المعاصر. الأولى تتعلق بتطور الخطاب المعاصر داخل التيار الإسلامي حول مفهوم الوسطية. امّا المسألة الثانية، فتتعلق في التطور الحاصل في مفهوم النظر إلى الوسطية من خلال التخاطب مع الذات بعد أن كان ذلك ينحصر في اطار النظر والتخاطب مع الآخر. امّا المسألة الثالثة فتتعلق بفحص مفهوم الوسطية لتحديده وكشف أبعاده وتبيان معالمه وازالة ما يشوبه من ضبابية وغموض.
ثم عالج محمد الخطيب مساعد عميد كلية الشريعة في الأردن موضوع “العوامل الإعلامية المعيقة في تعزيز ثقافة الوسطية” مجملا اياها بـ10 معوقات رئيسية لا يمكن العمل على نشر الوسطية دون اجتيازها ومنها أزمة الهوية واختلال القيم والمعايير في العديد من وسائل الإعلام التي عملت على طمس الهوية وهدم القيم في كثير مما تبث، ومنها غياب أجندة مدروسة موحدة لوسائل الإعلام واتجاهها لتكون مجرد تابع للإعلام الغربي، ومنها ظاهرة النفاق عند بعض وسائل الإعلام العربية التي اصبحت بوقا للأنظمة أو الأشخاص بشكل يجعلها غير قادرة على القيام بالمهام الموكلة اليها. ثم تابع الحديث عن المعوقات وشملت التباس الفهم في مفهوم الوسطية، والافتقار إلى النموذج القدوة في الإعلام، والحرب النفسية ضد العرب والمسلمين، وربط الفكر المنحرف بكبار المفكرين، وعدم افساح المجال للرأي الآخر، والإغراق في مواجهة التطرف بتطرف آخر، والهم التجاري والكسب المالي على حساب المبادئ والقيم.
امّا هايل عبدالحفيظ، استاذ كلية الشريعة في الأردن فتحدّث عن “العوامل الإعلامية المساعدة في تعزيز ثقافة الوسطية”، معتبر انّ الإعلام يلعب دورا حيويا في صياغة العقول والرأي العام والتحولات السياسية والاجتماعية خاصة بعد انتشار الفضائيات والانترنت. ودعا إلى أن يكون الإعلام مسؤولا وملتزما ومعبرا عن ثقافة وقيم الأمة والحضارة الإسلامية.
واختتم عبدالحميد الأنصاري الاستاذ في كلية القانون في قطر الجلسة بورقة حول “الخطاب الإعلامي للوسطية: كيف يجب أن يكون؟” معتبرا انّنا نواجه تحدّ خارجي متمثل بالعدو الصهيوني وتحد داخلي متمثّل بالتخلف، داعيا إلى ضرورة التمييز بين الوسطية كفكر ومبدأ وقيمة من جهة، وبين ممارسات وسلوك وخطاب يروّج له بالساحة على أنه خطاب وسطي، مطالبا بتفعيل ثقافة الاعتدال والتسامح عبر إجراءات عملية، ومؤكدا على أنّ الوسطية هي الرهان المستقبلي والخيار الصائب الذي لا بد من دعمه عبر منهجية وآلية وخطط تعمل على تفعيله عمليا وتحكم الإطار الديني.
اليوم الثاني
ورأس مروان فاعوري الجلسة الثالثة وتحدث فيها كل من محمد طلابي حول “استراتيجية وأهداف نشر فكر الوسطية”، وأبو العلا ماضي حول “تطوير الخطاب السياسي لفكر الوسطية”، وجاسم سلطان حول “تطوير البعد النهضوي لخطاب الوسطية”، وعمرو الشوبكي حول “التحول السياسي نحو فكر الوسطية وكيف يصنع إعلامياً؟”، حيث قدم شرحاً عن دور الإعلام في تكريس الوسطية. أما سعد الدين عثماني فتحدث عن “مستقبل فكر الوسطية في منظومة الأفكار العالمية”. أما الجلسة الرابعة بعنوان “كيف يكون الإعلام وسطياً؟”، فرأسها الزميل طلال سلمان وتحدثت فيها الزميلة جيزيل خوري عن “الرأي والرأي الآخر وبناء الصورة الإعلامية لفكر الوسطية”، ومارلين خليفة عن “المعالجة الإعلامية للتطرف والعنف السياسي”.
وتحدث الأب طوني خضرة عن “العامل السياسي في الخطاب الديني: المشكلات والحلول”. أما فاديا كيوان فتطرقت الى “كيف نصنع رأي عام مؤيد لفكر الوسطية؟”. وركزت على أهمية فتح باب الحوار أمام تعدد الآراء للوصول الى قواسم مشتركة. وتحدث عادل مالك عن “الوسطية كمادة إعلامية: كيف نتعامل معها؟”.
وقد أُرجئت التوصيات التي كان من المفترض أن تصدر عقب اختتام المؤتمر الى اليوم.